الفروسية والهجن والإعلام

أحمد السلماني
يتَّفق كل المُهتمين بالرياضة على شغف الغالبية العُظمى بكرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى ليس في منطقتنا فحسب بل في العالم بأسره، ولأنها كذلك فهي اللعبة الأكثر إثارة أو هكذا أُريد لها، حيث تنساب المليارات في أوردتها ليُصبح الاتحاد الدولي لكرة القدم أكبر وأقوى مُنظمة في العالم، وكذا الحال هنا في السلطنة حيث تستحوذ كرة القدم على النطاق العريض في طيف الإعلام الرياضي ثم تأتي بعدها الرياضات الأخرى واتحادات الظل التي تتبعها والتي لا ترقى حقيقة لمستوى اتحاد لعبة وأقصى ما تستحقه إنما هو لجنة توفيرًا للمال المُبعثر في السفرات والمؤتمرات الجوفاء والتي لا عائد منها.
 وأستثني من هذا الطرح بعض الاتحادات وفي مُقدمتها الاتحاد العُماني لسباقات الهجن والاتحاد العُماني للفروسية واللذان بحق قفزا بهاتين الرياضتين قفزات كبيرة نظير الاهتمام الكبير وعلى أعلى المُستويات بهما والبنية التحتية التي يمتلكانها والشغف الكبير الذي تحظى به لدى قطاع واسع من مُربي الخيل والجمال واللذين لازما الإنسان منذ فجر التاريخ الإنساني، ونظراً لجغرافية المنطقة الصعبة فليس لها إلا العاديات وسفائن الصحراء، فاهتم العربي بوجه عام والعماني بوجه خاص أيما اهتمام بالخيل العربية والأصايل وهما أفضل السلالات في العالم.
وترجمت الحكومة هذا الشغف بإشهار اتحاد خاص بسباقات الهجن وآخر للفروسية ويكفي مربي الخيل والجمال أنهما يحظيان بالاهتمام الكبير والسامي لعاهل البلاد المُفدى يحفظه الله وبالتالي فهذا النوع من السباقات والقائمين والمهتمين بهما يعيشون العهد المزدهر لمثل هذه الرياضات وهذا لم يكن ليتأتى لولا الإدراك العميق لأهمية الوفاء لموروث الأجداد.
السباقات موسمية، ويتم تنظيم 20 سباقًا للخيل في الموسم الواحد، وبخلاف التحضيرات فإنَّ كل سباق يُكلف ما مقداره 6000 ريال عُماني تقريبًا ويحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة كون السباقات تنظم في الفترة المسائية في العادة، هذا عدا مهرجانات الفروسية، وتتسع القاعدة العريضة لمربي الخيل بالسلطنة يوماً بعد يوم فضلاً عن ممارسي هواية ركوب الخيل، وتشهد مضامير سباق الخيل العالمية بسطوة وسيطرة الخيل العربي العُماني على منصات التتويج بها والمهر "ميسور" التابع للخيالة السُّلطانية العمانية ترجمة حقيقية للتفوق العماني في مثل هذه السباقات حيث لم يخسر في 8 سباقات متتالية خاضها ليثبت أيضًا جودة سلالات الخيول العُمانية.
أما الهجن، فهذه لها قطاع واسع جدًا من المُمارسين لتربيتها وسباقاتها، وتحظى باهتمام استثنائي، والملايين من الريالات العُمانية تضخ في أوردتها، ولكن جمهورها قليل مُقارنة بسباقات ومهرجانات الخيل كون أغلب السباقات تقام في الفترة الصباحية وأوقات الدوام الرسمي وبالتالي فالفرصة لا تواتي كثيراً من عشاق سباقاتها للحضور ومُتابعتها.
وقد زفَّ لنا صاحب السُّمو السيد أسعد بن طارق نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي البشرى بالمُستقبل الباهر الذي ينتظر هذه السباقات وتربية الهجن والبنية التحتية التي ستحظى بها وبالتالي فعلى اتحاد الهجن والمهتمين بتربيتها وسباقاتها التهيؤ والارتقاء لمستوى هذا الاهتمام الكبير.
ولأنَّ رياضة الفروسية وسباقات الهجن تحظى بهذا الاهتمام الواسع والكبير فعلى وسائل الإعلام المختلفة الارتقاء أيضاً بمستوى تعاطيها معهما من حيث التغطية الإعلامية الواسعة وعدم الاكتفاء بنشر أخبار فعالية هنا وفائزين هناك فقط وإنما توسيع نطاق التغطية لتشمل النقل التلفزيوني المُباشر(السنوات الأخيرة شهدت نقل تلفزيوني مُباشر)  لأهم الفعاليات والسباقات وتسليط الضوء على المهتمين والمتفوقين بهما وإبرازهم باللقاءات الحوارية والوقوف على هموم هذه الرياضات والمعضلات والصعوبات التي تواجههم وكل ذلك يصب في خانة تطوير وتوسيع دائرة المُهتمين بهذه الرياضات والهوايات الأصيلة، أيضًا فإنّ اتحادي الرياضتين مطالبين بالاقتراب أكثر من وسائل الإعلام وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي، فالإعلام شريك أصيل للرياضة.

الأكثر قراءة