همسة في أذن وزارة الشؤون الرياضية

 

محمد بن خلفان العاصمي

 

يقول باولو كويلو (إن الوسيلة الوحيدة لاتخاذ القرار الصحيح هو الاعتراف بالقرار الخاطئ) وربما لا يرغب الكثير منا في الاعتراف بالقصور خوفاً من الانتقاد والظن أنّ الرجوع عن الخطأ هو بحد ذاته خطأ ؛ ولذلك نظل فترات طويلة محاولين الوصول لعلاج للقرار الخاطئ، ونهدر الوقت والجهد والمال ليس لاتخاذ القرار الصحيح وإنما لعلاج الخطأ.

هذا الحال يشبه كثيراً حال رياضتنا التي اتخذت في حقها سلسلة من القرارات الخاطئة ومازالت وربما المؤشرات تجعلنا نقف كثيراً ونقارن رياضتنا وما وصلت إليه في هذا الوقت وما كانت عليه في السابق. إنّ الأمر الطبيعي الذي يجب أن يرافق زيادة مساحات الاهتمام الحكومي بالرياضة وزيادة الدعم المادي المقدم هو أيضاً زيادة الإنجازات المتحققة، ولكن أن يحدث العكس فهذا الأمر يحتاج إلى وقفة من الجميع لمراجعة السياسات المتبعة في رياضتنا ومعرفة الاتجاه الذي نسير به.

عندما نجد أنّ الأندية وهي المحور الأساسي للرياضة تعاني من جميع النواحي وخصوصاً المادية لدرجة وصل بالبعض منها إلى إيقاف عدد من الأنشطة ندرك حجم الإشكال الذي يعتري رياضتنا وبنظرة سريعة على الأندية التي تشارك في اللعبات الأساسية الأكثر ممارسة نجد أنّ عدد الأندية المشاركة في الدوري العام للسلطنة لكرة القدم بمختلف درجاته 34 نادي من أصل 44 ناديا وهذا حال اللعبة الشعبية الأولى فكيف بالبقية وربما لم يصل عدد المشاركات إلى هذا المستوى منذ إشهار الاتحاد. والحال أسوأ في باقي اللعبات فلعبة كرة اليد لا يشارك فيها سوى 13 ناديا 7 في الدرجة الأولى و6 في الدرجة الثانية بعد أن كان لدينا دوري من ثلاث درجات في فترة التسعينيات والحال مشابه في كرة السلة بل ربما أشد مرارة حيث تشارك 6 أندية في الدوري العام أضافة لناديين في دوري المراحل السنية. والوضع مشابه في أم الألعاب؛ حيث يكاد لا تُمارَس هذه اللعبة على مستوى الأندية إلا من قبل عدد قليل جداً من الأندية وأصبح الاعتماد الكلي على الاتحاد في تأهيل لاعبي الأندية وفي مسابقة درع الوزارة وهي البطولة الأهم أضطر الاتحاد لإلغاء تصفيات أربع محافظات لعدم وجود أندية مشاركة وشاركت 10 أندية فقط في هذه المسابقة الرئيسية للاتحاد. وإذا اتجهنا للعبة الهوكي سنجد الحال ليس أفضل من سابقه فعزوف الأندية عن ممارسة هذه اللعبة والتي كانت في يوم من الأيام ذات متابعة وممارسة واهتمام حيث تملك السلطنة اتحادا يعتبر الأقدم في المنطقة وفي وقت من الأوقات كانت هذه اللعبة الأكثر شعبية؛ هذا الأمر يجعلنا نضع العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل الرياضة في السلطنة. والأمر لا يختلف مع كرتنا الطائرة فالأندية التي تشارك في الدوري قليلة جداً لدرجة تجعل القائمين على الاتحاد يحتارون في نوعية البطولات التي يمكن أن تنظم لهذا العدد من الأندية. هذا ناهيك عن وجود اتحادات ولجان أخرى لا نعلم ماذا تفعل وكأنها وجدت كمسميات لكي توجد فرص عمل لموظفين وتصرف موازناتها كرواتب ومشاركات لا تغني ولا تسمن من جوع، وأصبحت تبحث عن مشاركات خارجية وإن كانت شكلية لتبرزها بعناوين عريضة في صفحات الجرائد.

وسط كل هذا نجد أن بيان وزير الشؤون الرياضية أمام مجلس الشورى يخرج بانطباع أنّ كل شيء على ما يرام وأن رياضتنا تسير وفق ما خطط له ووفق الاستراتيجية المعدة لها. وهذا ما لمسته من خلال حديثي مع عدد من المهتمين أو المتابعين للشأن الرياضي وهنا المعضلة الأكبر، فهل من المعقول أنّ هرم الرياضة في السلطنة والمؤسسة المنوط بها الإشراف ومتابعة وتطوير الرياضة العمانية تكون راضية عما ذكرته سابقاً من أمثلة أم أنّ الأمر يتعدى مرحلة الرضى لما هو أبعد من ذلك؟ إنّ وزارة الشؤون الرياضية مطالبة اليوم بالوقوف على هذا الأمر وإيجاد الحلول لكل هذه الإشكاليات والعودة عن بعض القرارات الخاطئة التي اتخذت في الفترة السابقة وساهمت في وصول رياضتنا لهذا المستوى وهذا الأمر يتطلب الكثير من إنكار الذات وتغليب مصلحة الوطن ولكن يبقى السؤال الأصعب وهو هل تمتلك الوزارة القدرة على اتخاذ القرار الصحيح؛ خصوصاً أنّ للقرارات الصحيحة ضحايا؟

تعليق عبر الفيس بوك