ضبابية استراتيجية الرياضة العمانية

 

 

إبراهيم الصواعي

 

لم أجد تفسيراً لعدم وضوح رد وزارة الشؤون الرياضية على تساؤلات أعضاء مجلس الشورى -لا أقصد التساؤلات التي يصعب تصديقها بأنّ البعض لازال مُنشغلا وبكل جدّية بالفرق الأهلية - وإنما تلك التي يثيرها الوسط الرياضي بكافة أطيافه وقد اتفق عليها أعضاء المجلس حول ما تحقق من استراتيجية الرياضة العُمانية والتي حسب دراسة لجنة الشباب بالشورى لم تطّلع عليها حسب الخطة لا الأندية ولا الاتحادات الرياضية برفقة اللجنة الأولمبية بل البعض أشار معتقدا بأنها قد انتهت مع الخطة الخمسية الثامنة (2015-2011) وهذا مؤشر خطير من الوزارة أن تفقد مؤشرات قياس الأداء ونحن بالربع الأخير من عمر الاستراتيجية، خصوصا المعنيين والشركاء بتنفيذها ليسوا باطلاع تام عليها.

 

***

 

جميع الإجابات المتعلقة بالتشريعات حتى نصل إلى الرياضة التنافسية يتم تجاهلها أو يتم الرد عليها بدون إقناع، وهنا يتضح لماذا رياضتنا أصبحت جامدة لم تتحرك خطوة للأمام، وستبقى كذلك ما لم نُعد صياغة التشريعات والقوانين التي مضت عليها عقود من الدهر وما ترتب عليها من عدم تنظيم مستمر، فلا يوجد تعريف مختص بدور الوزارة الرئيسي تجاه الرياضة والذي نستطيع من خلاله لملمة اضطراب الهيكلة الإدارية بخطط واضحة وعريضة، حتى نُدرك من خلالها سقف طموحنا، وهذا ما يجعل منها تختص بوضع الاستراتيجيات والخطط والدراسات ودعم المنتخبات وكل ما يتعلق بالرياضة فقط مع تهيئة المرافق والخدمات وتوفير المنشآت، وأن تبتعد عن دعمها السنوي للأنشطة الشبابية الذي يفوق المليون ريال، هذه البرامج والأنشطة أثبتت عدم جدواها وأنها ليست ذات بُعد مستقبلي مستدام سوى دفع الشباب نحو المشاركة من أجل الجوائز المالية الكبيرة وفقط!

 

***

 

ذكر البيان بأنّ الاتحادات الرياضية تختص دون سواها بإدارة شؤون اللعبة التي تشرف عليها من جميع النواحي وذكر منها الفنية وهذا جيد ولكن هنا نلاحظ تناقض الوزارة في القيام بمهام الاتحادات الأخرى الفنية بتدريب المراحل السنية في الألعاب القوى والسباحة وكرة اليد والطائرة والسلة والهوكي، وذلك من خلال خيارها الاستراتيجي "مراكز إعداد الناشئين" التي بلغ عددها 31 مركزاً مهجورا.

 

***

 

وبعد كل ذلك يأتي المسؤول بكل ثقة قائلا: "الخصخصة ستُبعد الأندية عن الألعاب الأخرى والأنشطة الشبابية وستركز على كرة القدم فقط"!!

لا أعلم عن أي ألعاب أو أنشطة يتحدث البيان فالواقع مخالف تماماً، بجانب يجب إعادة النظر في أن تكون الأندية مؤسسة اجتماعية متكاملة، فالنظام الأساسي للأندية جعل منها بيئة رياضية غير جاذبة للمجتمع والتي أصبحت إرثا لدى البعض، وهذا ما سيترتب عليه مستقبلاً غياب الكفاءات الرياضية، بل وصل الأمر في أن تغلق العديد من الأندية أبوابها وألا تشارك في أي مسابقة محلية. ومع ذلك تفتخر الوزارة بدعمها السنوي بحجة أنّه سيساعد على إيجاد استثمار أو تخفيف مديونيات الأندية، وجميع ذلك على حساب حرمان الشباب والمواهب من ممارسة الرياضات، الأمر بات مقلقا نتيجة ضعف الضوابط.

 

***

 

خيبة الأمل أن تستمر بعض الأندية تحت لواء اللجان المؤقتة بعد أن شهدت إشكاليات في العملية الانتخابية، وخيبة أخرى أن ترث الأندية المديونية من مجالس الإدارات السابقة، ناهيك عن عدم المساواة في إعطاء الأندية مميزات أخرى كالأراضي الإضافية وغيرها. وتتسع دائرة الإحباط في ظل غياب تشريع يربط الفرق الأهلية بالأندية، إلا أنّ الوزارة تستمر في مسلسل التناقضات من خلال توفير أراض لهذه الفرق بمساحات شاسعة، لكن لم تمكنها من الاستثمار ولو كان جزئياً حتى تغطي مصاريف الكهرباء والماء وصيانة الملاعب ومصاريف المشاركات المجتمعية المختلفة أسوة بالأندية، والتي بجانب الاستثمار الجزئي تقدم الوزارة لها دعما ماليا للصيانة، وتدفع رسوم الكهرباء بنسبة 75%، وهذا ما تكبد من خلاله الأفراد ومنتسبو الفرق التابعة لهذه الأندية خسائر كبيرة.

لذا لا بد من وقفة جادة وحقيقية لدى المسؤولين في وزارة الشؤون الرياضية، وأن يعيدوا النظر في الخطط والاستراتيجيات الخاصة بتنمية الرياضة، والنهوض بالشباب في مختلف الألعاب والرياضات.

 

آخر المطاف..

 

هنالك مميزات تجعل من الشؤون الرياضية الأفضل عن غيرها في دول أخرى، بحكم الدعم الحكومي المستمر والتسهيلات الكبيرة ولكن بحاجه إلى خطوات جريئة بأولويات منطقية تجعل من المنظومة رياضة حقيقية تنافسية.

ويبقى السؤال هل سنشهد في يوم ما استغناء الأندية عن الدعم الحكومي؟ لا أعتقد وما نخشاه أن يتم الأمر على ما هو عليه، فلا توجد بوادر أخرى بعد أن شهدت المرحلة حالة من عدم استقرار، كان آخرها مكرمة المليون وللحديث بقية.

تعليق عبر الفيس بوك