وللكتاب في عمان مكانة (2- 2)

 

سارة البريكية

إنّ أيِّ معرض للكتاب يُعد مهرجاناً لجميع أفراد الأسرة، ويُعد بمثابة منبرِ ثقافي وإشعاع منير يلج من خلاله القارئ إلى عوالم شتى تكسبه ثقافة أدبية ومعرفية مُختلفة، وفي ظل هذه الطفرة والتقنيات الحديثة، فإنَّ للمعارض خاصية مُفيدة، أولاً أنها توثق العلاقة بين الإنسان والكتاب، في ظل توجه البعض للقراءة الإلكترونيّة باعتبارها أرخص من شِراء الكتب غالية الثمن، ثانياً هذه المعارض تجمع أطيافاً مُختلفة من مُحبي القراءة والاطلاع، وتوثق أواصر العلاقات الاجتماعيّة بينهم، وتزيد من نسب التبادل الثقافي من خلال ما يُقام في المعارض من فعاليات ومُناسبات، وما هو موجود عليها وبها.

وما تعدد الإصدارات المُفيدة التي تحمل نتاجات ثقافية وأدبية يزخر بها معرض الكتاب الحالي وغيره من المعارض، إلا مطلب مجتمعي وقومي وإنساني، إلا أنه وللأسف الشديد هناك من الكتاب من شذَّ عن القاعدة الأخلاقية التي يجب أن تكون حاضرة لديه عند الشروع في توثيق أي تجربة كتابيًا، ولعل الوازع الديني والأخلاقي هو ما كان ينبغي أن يكون حاضرًا عند أي نشر أو كتابة، مراعاة للذوق العام كأقل القليل.

فالإصدارات التي نشر أصحابها فيها قصصهم ومواقفهم وتجاربهم المخجلة ذات العلاقات الآثمة واللقاءات الحميمية والمواقف الجنسية، واصفين فيها ما يخجل الإنسان من ذكره فكيف بكتابته أو التباهي به، أمر مرفوض ولا مُساومة فيه، وهو ما يجب أن يكون البتة، فإن كان أؤلئك يدَّعون حرية شخصية فأقول لهم إنَّ الحرية الشخصية لا تكون بهذه الطريقة، وأذكرهم بقوله صلى الله عليه وسلم "اتِّقوا الشبهات، فمن اتِّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، أي صان عرضه وشرفه عن كلام النَّاس فيه، ومعلوم أنّ الإنسان المستقيم الواقف على حدود الله لم يسلم مطلقاً من ألسنة الناس، فكيف بالذي يقع في الشبهات أو يقرب نفسه منها عمدًا، ففي هذه الحالة ماذا سيُقال عنه . 

إنّ تطور العقل والفهم الصحيح مطلب شرعي وعقائدي للنجاة والسلامة والعمل بما يُريده منِّا رب العزة والجلال، فليست العبرة في إصدار الكتب واقتنائها، بقدر ما هي في المُحصلة النهائية من عددها وقراءتها طبعاً إن قرئت هي الفائدة العامة، فالكثير والكثير من الذين في بيوتهم مكتبات عامرة بالكُتب، يفتقرون إلى أدنى مستويات الأخلاق والتعامل مع بني جنسهم باحترام وأدب وتقدير، فالتحلي بالأخلاق الحسنة الفاضلة، والتواضع للغير وحسن التعامل مع الآخرين وجميل المعشر معهم ومع عامة النّاس وخاصتهم، وقبل ذلك تقوى الله والعمل على رضاه، وطاعة ولي الأمر وحفظ مكتسبات الوطن ومنجزاته ومقدراته، والإسهام في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد، هذا ما يفترض أن تفرزه الكتب التي نتباهى بها والمرصوصة في ردهات ومجالس البيوت والمجمعة من هنا وهناك.      

            يسرنا بدون شك أن نكون أمة تقرأ فأول ما نزل به جبريل على سيدنا محمد "اقرأ" لكن أن تكون الفائدة من هذه القراءة تجعلنا شعباً متحضراً وفاهما وعقلانيا، وننشغل بأنفسنا عن الناس ونعمل بصمت وهدوء في بناء عمان وعزتها ورفعتها، فهذا هو العمل الصحيح والإجراءات السليمة المفيدة،  وفي هذا السياق أود أن أشير إلى أن معرض الكتاب لهذا العام حوى ولأول مرى كتاب "فيض المشاعر" وهو عبارة عن قصائد شعرية لعدة شعراء عمانيين هم منتسبو ملتقى عُمان للأغنية .

         وكانت خطوة جيدة من الأستاذ والشاعر داود الكيومي في عمل هذا الإصدار الذي تمت طباعته عن طريقه شخصيًا، وأن يكون هذا الإصدار حاضرا في المعرض الحالي، فبدون شك مثل هكذا مبادرات، تعد لها قيمة معنوية ونفسية للشاعر، وتثري الساحة بما هو مُتجدد ومحفز، فله ولكل من أسهم في أن يرى هذا الإصدار النور شكرنا البالغ العظيم، مقدرين عالياً ما بذلوه من جهود، والله أسأل لهم التوفيق، متمنية أن يحقق المعرض النجاح كما كان في دوراته السابقة، وأن تنعكس نتائج اقتناء العديد من الكتب منه، على وطننا الحبيب الغالي، بما يعود عليه وعلى الجميع بالنفع والمصلحة الوطنية والعامة المرجوة من شبابنا وأهل عمان عامة، الذين نؤمن بأنهم أهل للثقة والمسؤولية، والله يحفظ المسيرة.

  

 

Sara_albreiki@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك