فايزة الكلبانية
نقاشات وتساؤلات، ولَوْم وعتب، مع كل عارض يطرأ على وضعنا الاقتصادي، وتجد وسائل التواصل -على اتساعها- تعجُّ بعبارات الشكوى والتذمر، موجهين أصابع الاتهام مباشرة للحكومة والأداء، وأصحبت عبارات كـ"الحكومة لم تفعل كذا"، و"الحكومة لا علم لها بكذا"، و"الحكومة لابد أن تعي كذا"، عبارات مكرورة على الأسماع، تلوكها ألسن المواطن والمقيم والمستثمر والموظف الحكومي نفسه.. صحيح أن أحداً لا يُمكنه أن يزايد على مطالب وشكاوى الآخرين، بل على العكس نحن نتفق مع كثير منها، ولكن الكثير يتذمرون ويعتبون دون دراية بما يحمله معنى كلمة "حكومة".. فمَنْ هي الحكومة؟!
****
الحكومة -في جانب منها- هي المواطن نفسه، الذي أًوْكِلَت إليه مهام يُسيِّيرها؛ هو القائم على تخليص الإجراءات والمعاملات، هو المضطلع بالعديد من المهمَّات والتكليفات في إطار مؤسَّسي، الحكومة هي المواطن، وردود أفعالها هي انعكاسات أدائه؛ فإن أخلص واجتهد وأصلح، انعكست إيجابيات ذلك على المشهد ككل، وإن تقاعس وخلد إلى نفسه، أخفق الأداء وكانت الملمات والأزمات.. إذن ولاستقامة دفة الحديث، يجب أن ينمو لعلم الجميع أنَّنا وإن كنا نريد علاجًا ناجعًا لكثير من الإخفاقات فالحديث أولى عن تعزيز وتشديد وسائل الرقابة على كافة المؤسسات والهيئات، رقابة لا تستثني أحدًا ولا تُحابي لأحد، رقابة حقيقية تضمن إيجابية المردود والعائد.. إنْ كنا فعلاً نتحدَّث عن تقييم حقيقي للأزمة على أرض الواقع.
****
الحكومة -في جانب آخر- هي جُملة القوانين والتشريعات والسياسات والإستراتيجيات الموضوعة لتسيير دفة الوطن، وهي التي لابد لها أن تواكب مُستجدات ومُتطلبات كل مرحلة، ومرحلة كالتي نعيشها اليوم على المستوى الاقتصادي -كمثال- ونحن نستهل تنفيذ مخرجات البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي، تستدعي مراجعات وخططا ودراسات ومزيدًا من القوانين لتنظيم البيئة الاقتصادية كضمانة لتحقيق عائدات أكبر وأسرع، كقانوني "الاستثمار الأجنبي" و"قانون العمل" الجديد، مثلا، فكلاهما ضرورة ملحة للتجديد والتنظيم.. ونأمل أن تحملا لنا في طياتهما حزمة من التسهيلات والتبسيطات التي تعود بالنفع على البلاد والعباد.
****
بعيداً عن عبارات التشاؤم والرسائل السلبية والإحباط الذي يبثه البعض فيما يتعلق بمردودات برنامج "تنفيذ"، وقدرته على صنع الفارق والارتقاء بقطاعاتنا الواعدة.. فإنَّ نظرة عابرة على مراحل البرنامج المختلفة تبرز حجم الجهود التي تُبذل لإنجاحه وتحقيق أهدافه؛ فما شراكة القطاع الخاص مع الحكومة في حلقات المختبرات، وإشراك المواطن مع متخذي القرار في مرحلة المشاركة المجتمعية، سوى انعكاس لطموحات كبيرة جدًّا يعقدها الجميع على هذا البرنامج، وقدرته على الوصول لها إذا ما استمرَّت تلك المعنويات المرتفعة والروح التواقة لاقتصاد عُماني جديد في تفاصيله والمضامين.
إنَّ المرحلة الحالية بحاجة أكثر من أي وقت مضى لمزيد من الدعم والثقة والمصداقية والشفافية، وتنحية المحسوبيات والمصالح الشخصية، وإعلاء المصالح الوطنية.. فنحن اليوم نشكل "الحكومة"، بمشاركتنا في صناعة التغيير بكلمتنا وآرائنا، وبدورنا لابد أن نتحلى بالأمل في أن القادم أجمل بإذن الله.
****
تحتفل عُمان اليوم بيوم الصناعة، تخليدا لزيارة تاريخية للمقام السامي إلى منطقة الرسيل الصناعية في التاسع من فبراير 1997م، ووفقا لما أعلنه معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة -على هامش افتتاح ملتقى الابتكار الصناعي- فقد زادت مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي من 5.7% في العام 2000م إلى أكثر من 10% في العام 2014م. وبحلول نهاية 2015م، أسهم القطاع الصناعي بنحو 5.3 مليار ريال عُماني من إجمالي الناتج المحلي المقدر بحوالى 26.9 مليار ريال عُماني. هذا ويأتي قطاع "الصناعات التحويلية" كأحد أهم القطاعات التي يتم التركيز عليها اليوم للمساهمة في التنويع الاقتصادي.
وكارتباط مع مبادرات "تنفيذ"، يُمكنني أن أقول بأنَّ قطاعًا كبيرًا كهذا لا يزال كغيره من القطاعات الأخرى، بحاجة لوقفة جادة لتذليل تحدياته وتحديات العاملين فيه، كما يتطلع الجميع لتعزيز منصة الشراكة المستدامة بين القطاعين الحكومي والخاص خدمةً للمجتمع، وتضافرًا للجهود، من أجل عُمان أفضل استثمارًا واقتصادًا ونماءً.
Faiza@alroya.info