حاتم الطائي
تَمْنَحُنا مُفردات المرحلة الحالية خطاباً اقتصاديًّا ثريًّا عن مَدَى العلاقة الوطيدة بين "الشراكة" و"التنمية"؛ كمنهج وفكر يَدْعَم جهود المثابَرة، ويحفِّز ويشجِّع على استكشاف مشاريع وشراكات جديدة، يُمكنها إيجاد بوابات خروج مُتعدِّدة، نختار على أساسها الأنسب والأكثر ملاءمة لإكساب اقتصادنا الوطني قيمة تنافسية أكبر.
وكجزء من نهج الشراكة الوطنية، تُطلق "الرُّؤية" اليوم النسخة السادسة من جائزتها الاقتصادية للعام 2017، هذه المُبادرة التي تكشف سنويًّا عن عديد من الأفكار والمشروعات الإنمائية المميزة، ليس فقط لتكريمها والتعريف بها، بقدر ما هو تأصيل لأداة إستراتيجية توفِّر بيئة مواتية لتبادل التجارب الناجحة، وتعزِّز آليات التحفيز الإنمائي والمشروعاتي، بالتركيز على عوامل النجاح والإنجاز، في ثقافة لابد لها أن تتمدَّد جذورها اليوم في بيئتنا الاقتصادية، بما يُحقِّق هدفَ الاستدامة والاستثمار، ويُسهم في "صناعة القُدوة" التي يُحتذى بها؛ سيما ومجتمعنا يتوافر على قصص نجاح تستحقُّ أن تُروى، وما علينا سوى أن نضعَ لها المعايير التي تؤهلها لتكون نماذج وقدوة للجيل الجديد.
إنَّها مسؤولية وطنية لتعزيز "ثقافة المُبادرة"، والتفكير الإيجابي لتفعيل الطاقات والكفاءات لتأخذ دَوْرها في التنمية، وفي المقابل هي انعكاس لدور الإعلام المسؤول في إضاءة طريق النهوض؛ باعتباره واحدًا من أهم الدَّعائم الإستراتيجية لبناء مشاريع التنمية في المجتمعات المعاصرة؛ نظرًا لقوَّة تأثير آلته في تشكُّلِ أفكار وسلوكيات المجتمع، بما يتفق وخطط التنمية؛ وإرساء سياساتها الناجحة.
وممَّا يسُر الخاطر أنْ تُحرز "الرُّؤية" هذا الحجم من التفاعل المتحقَّق مع مبادراتها المختلفة، والتي تصبُّ أهدافها جميعًا في صالح الوطن وازدهاره. وكإحدى تلك المبادرات، باتت "جائزة الرُّؤية الاقتصادية" واحدة من الجوائز التي تتصَّدر المشهد الاقتصادي الوطني، ويُترجم ذلك حجم الإقبال المتنامي على المشاركة في نسخها عامًا تلو الآخر، والارتقاء النوعي للمشاريع المُتقدِّمة لها؛ وهو ما وَضَع على عاتقنا تحرُّكًا موازيًا لتجويد معايير الترشح وتوسيع مجالات الفئات؛ لتواكب المُستجدات؛ ولتسهم في خلق نماذج ناجحة يستفيدُ منها الجميع، لتجسير التواصل بين الأجيال، وتبادل الخبرات والتجارب، وبما ينسجم مع الدور المحفِّز للإجادة والداعم لمواصلة البناء، بفكر يتكيَّف ومُتطلبات التنمية؛ وينسجم وموجِّهات النهضة المستهدفة بناء الإنسان وتحفيزه نحو المزيد من العطاء والتطوير.
ففيما تمَّ الإبقاء في نسخة العام الحالي على سَبْع فئات؛ هي: أفضل مشروع حكومي، وأفضل مشروع بالقطاع الخاص، وأفضل شخصية اقتصادية، وأفضل أداء مصرفي، وأفضل مشروع في المسؤولية الاجتماعية، وأفضل مشاريع المرأة المنزلية والحرفية، وأفضل مشروع استثمار وطني، استحدثنا ثلاث فئات جديدة تضمن تحقيق تكاملية الأهداف؛ أولاها: "أفضل مؤسسة صغيرة ومتوسطة" كفئة مُنفصلة عن مشاريع القطاع الخاص؛ إبرازًا لهذا القطاع الواعد الذي يلجُه اليوم المئات من روَّاد الأعمال، ممن يُيمِّمون وجوههم شطر الإسهام في رحلة البناء والتنمية؛ وقد انبنتْ آلية استحداث تلك الفئة على إيمان عميق بضرورة خلق مزيد من الوعي يُشجِّع على العمل الحر، وتشجيع الجهود المبذولة لتطوير سياسة وطنية لريادة الأعمال، وبما يُسهم في إعداد جيل مُتميز من روَّاد ورائدات الأعمال، تكون قدراتهم وكفاءاتهم المهنية أعظم أثرًا وأكثر نفعًا، اقتصاديًّا واجتماعيًّا، ومن ثمَّ تنمويًّا.. كما تمَّ استحداث فئة "أفضل مشروع استثمار أجنبي"؛ كأول جائزة اقتصادية محلية تُوْجِد منصة تكريم على أرض السلطنة للاحتفاء بتجربة أفضل مؤسسة أو شركة محلية لها تجربة مُميَّزة في هذا النوع من الاستثمار؛ سواءً المباشر منه أو غير المباشر، وانعكاساته على جُملة الأهداف الاقتصادية والتنموية، خصوصا في هذا التوقيت مسيس الحاجة لإيجاد شراكات دولية أكثر فاعلية ونجاعة. ومواكبةً لتسارع وتيرة التقنية التكنولوجية، كان لدفة الجائزة أن تميل نحو إبراز أفضل مشروع عُماني يسلك هذا المضمار؛ وقد ارتأينا أن تكون البداية مع "مشاريع التسويق الإلكتروني"، على أنْ تُرَاعِي النسخ المقبلة التنويع في المجالات ذات الصلة بهذه الفئة.
إنَّنا ومنذ وَضَعنا الخطوطَ العريضة للأهداف الأساسية لـ"جائزة الرُّؤية الاقتصادية"، وآمالانا تتعاظم في أنْ نُؤسِّس لأرضية قوية يُمكن من خلالها الانطلاق نحو اقتصاد مُتفاعل، تكون مُخرجاته قادرة -من حيث الإنتاجية والفاعلية- على تحقيق أهداف التنمية، ومُواجهة التغيُّرات المتسارعة في عالم اليوم؛ وإيجاد منصات تكريم تُزْكِي روح الإبداع والأمل في نفوس أصحاب المشاريع؛ إذ لا شيء أعظم أثرًا من التكريم وإبراز نجاعة التجربة، لتحفيز آليات التفكير الإنمائي وتحقيق مزيد من النجاحات والمكتسبات لاقتصادنا الوطني.