في كتاب عن دور الوقف في الحياة العلمية ببهلا

باحث ومفكر يوصي بإنشاء مؤسسة وقفية أهلية على مستوى السلطنة

 

 

 

مسقط - العمانية

أوصى الباحث والمُفكر العماني خميس بن راشد العدوي في كتابه المعنون بـ"الوقف العلمي في بهلا ماضيه وحاضره" بإنشاء مؤسسة وقفية أهلية على مستوى السلطنة، تُعنى بتثمير الوقف، وتوزيعه، وجمع الأموال لتطويره، وتسجيل الأوقاف الجديدة، ولا سيما العلمية منها، كذلك أوصت الدراسة بإنشاء مركز بحثي يهتم بالدراسات الوقفية، ماضيها وحاضرها، وتطوير آلياته، تدوين التراث الشفهي للوقف. كما أوصت بضرورة تمكين الباحثين في الوقف من الوصول إلى الوثائق والمخطوطات التي توجد في المكتبات الأهلية والرسمية ومراكز حفظ الوثائق. 

وقد تطرق الباحث والمُفكر العماني خميس بن راشد العدوي في كتابه إلى نوع مختلف من الوقف، كان له دور بارز في الحياة العلمية في بهلا منذ الفترة الإسلامية المبكرة وحتى وقتنا الحاضر.  ويقصد المؤلف بالوقف العلمي الوقف المخصص للجوانب العلمية، كوقف المكتبات، ووقف نسخ الكتب، ونسخ المصحف الشريف وتجليده وتزيينه، ووقف المدارس وحلقات العلم، ووقف المُعلمين والمتعلمين، ووقف القراطيس والأحبار والأقلام، كما أنّ الكتاب لا يتطرق إلى الجوانب الفقهية إلا بمقدار ما يخدم الهدف الرئيس له، وهو التتبع التاريخي للوقف العلمي في داخل مدينة بهلا عبر التاريخ.  

يتكون الكتاب من مقدمة و4  مباحث وخاتمة.المبحث الأول يتناول تعريف الوقف العلمي ومنهج ومجال الدراسة، أما المبحث الثاني فيتوقف عند جذور الوقف العلمي وأصله الأول وأقسام هذا الوقف ومصادره. بينما يُفصل المبحث الثالث في أنواع الوقف بما فيها من أوقاف المصحف الشريف، ووقف المدارس الفقهية ووقف مدارس القرآن الكريم، وأوقاف المُتعلمين والمُعلمين، المكتبات الموقوفة في تاريخ بهلا وأخيرًا المكتبات المعاصرة. أما المبحث الرابع فيولي عنايته للتنظيمات الإدارية الحديثة بما في ذلك نظام مدرسة جامع بهلا القديم الفقهية، وأثر الفصل التام بين الأوقاف وبيت المال في العصر الحديث، والتحول في وقف مدارس القرآن الكريم وآليات الإشراف الإدارية على الوقف بشكل عام وتأثير ذلك على الوقف العلمي.

ينقسم الوقف العلمي إلى قسمين هما، الوقف الأصلي وهو المجعول والمخصص لخدمة العلم مثل المصاحف والمكتبات والمدارس والكتب، والوقف الثانوي كتوقيف العقارات والبساتين والأراضي والمحلات التجارية ونحوها.

ويشير الباحث إلى أنَّ القسمين قد وجدا متزامنين ومتلازمين تقريبًا، والدراسة لا تفرق بين هذين النوعين. أما مصادر الوقف العلمي في بهلا فهي متعددة إلا أنها وفي معظمها تشترك مع باقي أنواع الوقف.

والمصادر منها ما يتصل ببيت المال حيث ينفق منه الأئمة والسلاطين والولاة على المدارس والمعلمين والمتعلمين. كما أدى الحكام دورا في توقيف الكثير من الأموال خدمة للعلم وأهله، وكان للعلماء والفقهاء دور في تعضيد الوقف العلمي في بهلا من خلال ما أوقفوه من أموال وضواحٍ، كما أن لعموم الناس ذات الدور في رفد الوقف العلمي بالتوقيفات التي عززته على مر التاريخ. 

وقد خرج العدوي في ختام كتابه بعدد من النتائج وهي، الوقف وبيت المال قديم ويعود لفترة ما قبل الإسلام في عمان، ولم يقتصر الوقف على فئة اجتماعية واحدة بل إن الحكام والعلماء وبقية الناس قد اشتركوا في صناعة الوقف، وأقدم وقف في بهلا يخدم العلم ومازالت شواهده إلى الآن يتمثل في "ضاحية المدانة" والتي أوقفها العلامة الفقيه أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة البهلوي خدمة لطلبة العلم وترجع إلى بداية القرن الرابع الهجري، ولا زالت فكرة الوقف العلمي مستمرة في بهلا ويدل على ذلك وجود أوقاف لمكتبات حديثة الإنشاء.

حيث قامت التنظيمات الإدارية المالية الحديثة والتطورات الاجتماعية بدور في إعطاء الوقف جوانب إيجابية بشكل عام إلا أنها في الوقت نفسه أضعفت الوقف العلمي في بهلا، وقفت الدراسة على وجود ست مدارس فقهية في بهلا بجانب عشر مدارس قرآنية، كما وقفت على وجود ثلاث ضواحي موقوفة للمتعلمين بالإضافة إلى الإنفاق من ضواحي بيت المال وعقاراته على المُتعلمين. وجدت في بهلا مكتبات عديدة منها إحدى عشرة مكتبة كبيرة، وثلاث عشرة مكتبة مسجدية صغيرة، واثنتا عشرة مكتبة معاصرة. وجدت ضاحيتان وماء من أحد الأفلاج في بهلا لوقف ونسخ الكتب وشراء القرطاس.

جدير بالذكر أنَّ الكتاب صدر عن منشورات مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية بجامعة نزوى في 2016م، ويقع في 160 صفحة من القطع المتوسط.    

 

تعليق عبر الفيس بوك