دور شبكات التواصل الاجتماعي في الثوارات العربية

عثمان العتيبي

أُطلق في الآونة الأخيرة على الانتفضاضات الجماهرية والثوارت الشعبية التي اجتاحت شمال إفريقا ومنطقة الشرق الأوسط، ولا تزال متواصلة، تسميات عديدة؛ منها: "ثورة الفيس بوك، الربيع العربي، ثورة الياسمين، ثورة الفراعنة، الثورة الخضراء، وثورة الكرامة"..وغيرها، وبالرغم من أحقية هذة التسميات وتوق الشعوب للعتق والحرية، فإنَّ شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا رياديا في هذه التحركات الشعبية، وأن أبطالها هم أناس عاديون من جيل الشباب، المحرومون من أبسط الحقوق المدنية في الحرية والعمل وإبداء الرأي والتجمهر والتظاهر، هذا الجيل من الشباب اختار أنْ يقف بوجه الطغاة ويطالبهم بحقوقه المشروعة، حاملا سلاح العلم والمعرفة والرأي الجريء؛ فتحوَّل هؤلاء الشباب إلى صحفيين ومراسلين وكتاب في لحظة من الزمن، وقد لا يكون الغالبية العظمي منهم يعرف شيئا قبل هذه الأحداث عن ماهية شبكات التواصل الاجتماعية ودورها في بث روح التحدي لديهم.

بالطبع استخدموا هذه الشبكات كوسيلة تفاعلية بينهم، ونشر وتبادل الأخبار والمعلومات المهمة، وتحديد مواعيد وأماكن الحشود الجماهيرية التي ينوون الانطلاق منها إلى أماكن ذات تأثير رمزي علي جميع المواطنين كالساحات والميادين العامة، كما أوصلوا أنباء تلك التحركات الجماهيرية إلى كافة أنحاء العالم عبر شبكات التواصل الاجتماعية والهواتف الناقلة والفضائيات التليفزيونية، مستعملين كلمات جديدة أضيفت إلى قواميس الاتصالات والعمل الصحفي؛ ومنها ما يُختصر في كلمة واحد كالشفرة مثل: (عاجل، متظاهر، عاجل جدل، ومؤكد)، وغالبا ما تستخدم هذه الشفرات في الهواتف الناقلة، وكذلك عبارات تستخدم في شبكات التواصل مثل: (يرجي نشره بأسرع وقت، واتصال من ميدان التحرير)، وفي بعض الأحيان تعزز هذه العبارات بمقاطع فيديو تسجل الحدث زمانيا ومكانيا. أتيحت الفرصة للشباب من كل الدول العربية للتواصل بشكل أكبر سواء اختلف الباحثون في تحديد دور مواقع التواصل الاجتماعي في ثورات الربيع العربي وقوة تأثيره من عدمه، إلا أنَّ المؤكد أنَّ قطاعات كبيرة من الشباب العربي استخدموا تلك المواقع في التعبير عن الغضب من حال مجتمعاتهم من خلال اتصالهم ببعضهم؛ حيث أتيحت الفرصة للشباب من كل الدول العربية للتواصل بشكل أكبر، كما مكنت تلك المواقع الشباب العربي من نقل استغاثة المجتمعات العربية إلى المجتمع الدولي وإجباره على اتخاذ مواقف ضد العنف وانتهاك حقوق الإنسان على سبيل المثال، كما حدث مع الثورة الليبية؛ حيث أجبرت الضغوط التي أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعي دول كبرى على التدخل ووقف المجازر التي كانت تحدث في ليبيا.

وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تشكل جزءًا من الحركات الاحتجاجية ضد الأنظمة الاستبدادية وكسر احتكارها للمعلومات، كما أنها شكلت عاملَ ضغط على المسؤولين والحكومات من خلال اتحاد مجموعات من الأفراد حول أفكار وآراء متقاربة، وهو ما أدى لثراء المجتمعات فكريا، وانتشار وعي أفراد المجتمع بحقوقهم وواجباتهم، كما اختلفت طريقة تعامل الدول مع مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أصبحت مؤشرا على درجة التحول السياسي والديمقراطية في تلك الدول وبدأت تأخذ في عين الاعتبار أهمية التوازن بين هذه المواقع كوسائل للحرية والتعبير، وبين ضرورة وجود ضوابط تحكم عملية استخدامها للوقوف دون تحولها لأداة تهدد أمن المجتمع أو استقرار الأنظمة كما حدث في بعض الدول.

@O_Alota1bi

تعليق عبر الفيس بوك