دورة للموظفين في الابتسامة

 

 

يوسف البلوشي

يجلس خلف شباك المراجعين مُكفهِّرَ الوجه عبوسًا، وتارة يلعب بهاتفه النقال، وطابور طويل يقف خلف الشباك بالساعات يضيع بين الورق والمعاملات، لا يستطيع أي مراجع أن يعبر عن استيائه سوى بالصبر والحلم وأوقات أخرى بهاتفه النقال في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحتْ بطلة هذه المواقف والظروف. وعندما تسأل الموظف يردُّ بعد أن يزيح ثقل الجبال عن وجنتيه، ويرمى بكتل أوزان الصمت من على كتفيه، ليقول عبارة: "انتظر". هذا مشهد مختزل لبعض الموظفين ممن يجلسون في مؤسسة حكومية خلف شباك المعاملات.

الكلُّ يريد أن يمر الوقت بخفة وتسارع وسط ابتسامة بسيطة تفتح لهذا المنتظر والناظر أبواب الأمل، بل وتجعل من الوطن عجلة نشاط تستعجل النمو، وتفتح له باب التقدم.

الجميعُ يأتي مُحمَّلا بما لديه من هموم على عتبات المؤسسات، وقليل من يجد من يبتسم له في وقت أصبحت الابتسامة فيه من الموظف مفتاحَ تقبل المواطن ونوعًا من البروتوكول العرفي الذي يحمل الإنسان على تحمُّل ما يأتي بعد استلام معاملاته والنظر فيها.

اليوم، أصبح الجميع يتبادل الإخفاق في العديد من مؤسساتنا الحكومية الذي سببه تصرفات "بعض" الموظفين، وأصبح الهاتف أيضا شريكَ التعطيل في الخدمات والمسؤوليات، رغم وجود تعاميم تنص بعدم استخدام الهواتف أثناء العمل، إلا أنَّ العمل بهذه التعاميم والمحاذير أصبح من صروف الماضي أيضا.

يقول شكسبير: "شق طريقك بابتسامتك، خير من أن تشقه بسيفك"، وهي تستهدف كلَّ من يمتلك الصلاحيات لإتمام أية خدمات ومسؤوليات، وهي تقودك إلى إنجاز أية معاملات للمواطن لا تكون تحت مبدأ القوة أو أنا من يستطيع فقط وغيري لن يفعل، فمثل هذه التصرفات بالعادة تفتح الباب لخلق جيل معادٍ للمؤسسات الحكومية وتشعل فتيل التذمر والاستياء.

وكثير من "بعضهم" يعمد إلى إنجاز معاملات بصمت مطبق وهدوء جم، ولا يغلبه في تقاسيم وجهه سوى خطوط العبوس، وعندما تنجز معاملة المراجع كأنَّ إنجازا كبيرا قد حدث، وعليه أن يُكافأ عليه، بل ويمنح إجازة يحدد هو وقت رجوعها.

إنَّ الظروف الحالية برغم ما فيها من إجراءات احترازية، وأيضا قابلها إجراءات لترشيد الإنفاق وتحديد المصروفات تماشيا مع معطيات الوضع الدولي، تتحتم قبل أن نجتازها بالمال أن نجتازها بالابتسامة مع الغير والتفاني لأجل ذلك، أو كما قال بعضهم تبسَّم قبل أن تُفقِدك السنوات المتسارعة نضارةَ وجهك، وجمال ابتسامتك، لتكن البسمة عنوانا دائما لمطلعك الصبوح، لن تجد أكثر تأثيرا من الابتسامة لفتح المغاليق، أو كما قال آخر: "جربت أعمق الحلول، لأكثر الأمور استعصاء، فلم أجد أفضل من الابتسامة وسيلة لحلِّها ومعالجتها".

وفي الختام.. همسة لكل موظف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، وشدني ما قام به باحثون من جامعة "طوكيو" اليابانية لتطوير ثلاجة فريدة من نوعها تعمل بـ"الابتسامة"، حتى يتمكن الشخص من فتح باب الثلاجة والوصول إلى ما بداخلها من مأكولات ومشروبات، وأطلقوا على الثلاجة الجديدة اسم "عداد السعادة"؛ حيث يجب على المستخدم أن يرسم ابتسامة على وجهه حتى وإن كانت زائفة حتى يتمكن من فتح باب الثلاجة، ويهدف اختراع هذه الثلاجة إلى التشجيع على الابتسام طوال اليوم.