"تاهية" لقواتنا المسلحة وكأس العالم العسكرية!

 

 

المعتصم البوسعيدي

الصَوْتُ.. صمت الموتى، زوجة أرملة، صراخ طفل يتيم، أم ثكلى، وأب على خديه دموع حارقة، لا شيء مثل الحرب يستدعي الدمار، نارٌ تَحرِقُ اخضرار الأرضِ؛ فتثروها بيدٌ وقِفار، إنسانية تتجرد من معانيها السوية، وسهام تُهمةً علنية، تلك الجيوش المُتعاركة منبت  الشرِ وفتيل الشرار، من أجل ذلك قفزت على السطحِ رؤية ورسالةْ، وحقيقة ان الحقيقة ليست كما هي عليه؛ فالجيش يمكن ان يكون روح تنمية، وفجر ازدهار.

المُقدمة السابقة هي بالضبط -في اعتقادي الشخصي- قصة المجلس الدولي للرياضةِ العسكرية، أو ما يُعرف "بالسيزم"؛ حيث تحويل المشهد الدموي المرتبط -ذهنيًا- بالجيوشِ إلى مشهدِ حمامة السلام تحت شعار "الصداقة عبر الرياضة" منذُ العام 1948م تاريخ تأسيس "السيزم" وحتى اليوم وما بعده إن شاء الله، "والسيزم" مر بمراحل عديدة حتى وصل هذه الأيام إلى أرضِ الأمنِ والأمان، إلى عُمان كأولِ دولة خليجية تحتضن كأس العالم العسكرية في نسختِها الثانية بثوبها الجديد بعد استضافة جمهورية أذربيجان النسخة الأولى في العامِ 2013م.

أنْ تكون عسكرية العالم لكرة القدم -إن صح التعبير- مُمثلةً بـ15 دولة من مختلفِ قاراتِ العالم في ضيافةِ عُمان فهذه "ضربة معلم" تحمل دلالات سياسية واقتصادية ورياضية على حد سواء، والجرأة العسكرية في طرحِ الاستضافة ثم الفوز بها تعطينا مُؤشر واضح على قدرة السلطنة باحتضانِ الأحداث وتنظيمها وفق أعلى المستويات، وأركز على لفظ "الجرأة" التي تحتاجها الرياضة العُمانية بشكل عام.

اللجنة المُنظمة لبطولةِ كأس العالم العسكرية الثانية بالعاصمة مسقط لم تدخر جهدًا في تأكيدِ أحقية السلطنة لاستضافةِ هذا الحدث الكروي قبل انطلاقته الفعلية في الخامسِ عشر من يناير الجاري؛ فدشنت شعار البطولة وانفردت بدعوة إلكترونية، وأقامت حفل تدشين كتيب مزايا الرُعاة لجذبِ الشركات والمؤسسات الخاصة، حفل أُعلن فيه عن سفراء البطولة المحليين، كما أُعلن بعد ذلك عن سفراءِ البطولة الخليجيين في حفلِ تدشين أنيق لكأس وتعويذة البطولة اللذين جسدا هوية البلد؛ فالكأس سينتقل عبر كل البطولات القادمة بكرة أرضية تبرز فيها خارطة السلطنة تستند على "نصلةِ" الخنجر العُماني واللبان الظفاري الأصيل الذي يفوح من "المجمر" مع قاعدة "مرش" ماء ورد الجبل الأخضر، أما التعويذة فترمز لحيوانِ "الوشق" المنتشر في ربوع البيئة العُمانية، ناهيك عن حفل الإفتتاح البسيط الذي عبر عن الإرث الحضاري ورسالة السلام للوطنِ العزيز.

نعم.. كأس العالم العسكرية ليست بقيمة كأس العالم الخاصة بالمنتخباتِ الوطنية، نعم.. التحديات كثيرة ومعها نكتشف أنفسنا وهل نحنُ قادرون على صناعةِ البطولات العالمية تنظيميًا على وجه الخصوص؟! نعم.. هناك صوت مُتباين على تأثيرِ الرياضةِ العسكريةِ في مردودِ الرياضةِ العُمانية؟!  نعم.. سؤال كبير عن البُنيةِ التحتيةِ للرياضةِ العُمانية؟! نعم.. سؤال أكبر: أين نحنُ من خارطةِ تنظيمِ التظاهراتِ الإقليميةِ والدوليةِ والعالمية؟! نعم.. هل مشاركة القطاع الخاص والعام بحجم التطلُعات؟! نعم.. الإعلام صانع الحدث أم الحدث صانع الإعلام، وأين نحن؟! نعم.. ماذا قالت المؤسسة العسكرية ـ دون أن تنطق ـ للشأن الرياضي المحلي؟!.

سأتركُ كُل التساؤلات وإجاباتها للقارئ، عدا قول المؤسسة العسكرية؛ فالرسالة وصلت ويجب ان تصل، نحن نستطيع كل شيء، لكن الرؤية غير واضحة لفعل شيء، الأحداث الرياضية واستضافتها مهمة لتطوير رياضتنا، بنيتنا التحتية تحتاج لاشتغال كبير وإضافات نوعية ما ان تتم سنرى كل شيء قد تغير للأفضل، وحتى تحقيق هذا الحلم الجميل أرى ان نقف طابورًا واحدًا لوزارة الدفاع وقوات السلطان المسلحة ولمنظمي كأس العالم العسكرية الثانية لنؤدي لهم تحية التقدير والإحترام، وان نتقيد بصوت قائد الطابور العسكري الذي اعتدنا عليه في يوم القوات المسلحة: "طابوووور تاهية"، على ان لا نغفل مساندة المنتخب العسكري والبطولة بشكل عام، والدعوة عامة للجميع.

------------------------------

ذكرى: عندما تكتشف الهوية وتحققها؛ فالحياة ستكون أجمل إن شاء الله.