الرسوم الجديدة والوضع الاقتصادي

 

 

خلفان الطوقي

 

الكثير من العمانيين يستثمرون في العقار، فما أن ينتهي من بناء بيته، تجده يشتري أرضاً، فيبني منزلاً أو شققاً أو يشتري عقاراً ليزيد من دخله، لذلك فأصحاب العقار هم ليسوا من التُّجار فقط، بل قد يشملون حتى أصحاب الدخل المتوسط من العاملين في القطاع الخاص أو الحكومي، ويمتد ليشمل في بعض الأحيان صاحب المؤسسة الصغيرة والمتوسطة، مما يعني أنَّ نسبة كبيرة من المواطنين مرتبطين بشكل مُباشر أو غير مُباشر بالعقار، وأي قرار يخص هذا القطاع سيلامسهم سلبًا أو إيجابًا.

ومع فرض الحكومة لضرائب إضافية في بعض رسوم الخدمات مثل رفع الرسوم السنوية للعقار المؤجر من 3% إلى 5%، ورفع رسم بيع وشراء الأراضي عن السابق، ورفع تقييم اﻷراضي للمناطق المختلفة لدرجة أنّ تقييم بعض المناطق أصبح أعلى من السعر الحقيقي للأرض.. هذه الأمثلة الثلاثة فقط لتوضيح ما أود الكتابة عنه في هذه المقالة، وبالطبع هناك أمثلة كثيرة لا يمكن ذكرها في هذا المقام، ولكن يمكن للقارئ أن يطبق أمثلة أخرى تتناسب مع ما يلامس حياته.

أقدمت الحكومة على رفع هذه الرسوم الآن، وذلك لرفع إيرادات خزينة الدولة خاصة وأننا نمر بمرحلة تذبذب أسعار النفط، لكن تظل تساؤلات المواطنين في عدة نقاط وأهمها: هل سيتم تحقيق هذا الهدف للحكومة ويتحقق ما يتمنون في رفع دخل الخزينة، وهل تمت دراسة القرار علمياً أو حتى الاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية؟، ولماذا اختاروا هذه الأسعار تحديداً دون غيرها؟، وهل هذه الخطوات ستزيد من دخل الحكومة، أو أنها ستزيد من انكماش الاقتصاد؟،  وهل تمّ تقييم هذه الخطوات للفترة الماضية منذ القرار إلى هذه اللحظة، وقارنوا الفرق بين ما هو مُخطط وما تحقق ليومنا هذا؟، وهل سيتم التراجع عن هذه الرسوم وإرجاعها لسابق عهدها لو اكتشفوا أنه لم يتحقق ما هو مخطط له؟  وهل نظروا لآثار زيادة الرسوم من جميع الجوانب، أو أنهم ركزوا على جانب واحد وهو رفع مدخول خزينة الدولة فقط، وأهملوا باقي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية اﻷخرى؟ .

فكما هو معروف في النظريات الاقتصادية أنّه في فترات الانكماش الاقتصادي، يجب على الدولة التدخل بفرض سياسات تساعد على الانتعاش الاقتصادي، ويصبح تدخل الحكومة واجباً، وإذا عدنا للنظرية الاقتصادية وربطنا اﻷمثلة المذكورة أعلاه، فيجب على الحكومة أن يكون تدخلها بتخفيض الرسوم على بعض الخدمات، لكي تشجع مُلاك العقارات والمتاجرين فيها على زيادة عملياتهم، ليضمنوا دخلاً إضافياً لخزينة الدولة، وبذلك تزيد عمليات البيع والشراء، وبالتالي يكون هناك انتعاش في السوق من كل النواحي، أما في حال زادت الرسوم، فسيكون هناك انخفاض في عمليات الشراء والبيع والبناء وغيرها من العمليات المرتبطة بذلك، والذي بدوره قد  يُشجع المتعاملين في هذا القطاع للجوء إلى أساليب شتى لتفادي هذه الرسوم أو العمل في غير هذا القطاع، وبدوره سيقلل الحركة الاقتصادية التي بدورها ستؤثر سلباً على باقي القطاعات التجارية، مما يعني تقليل الدخل الحكومي، إلى أن نصل لمرحلة الانكماش الحقيقي للاقتصاد، والذي سيكلفنا الكثير وستكون آثاره السلبية مؤلمة وشاملة لقطاعات مختلفة بسبب كثرة المتعاملين فيه وارتباطه بقطاعات أخرى، عمومًا اﻷيام القادمة ستُثبت إما صحة القرارات الحكومية أو صحة مُعظم النظريات الاقتصادية الحديثة، لنترقب ونرى.