"حَصْحَصَ الْحَقُّ" يا علي!!

 

المعتصم البوسعيدي

 

من "غزالٍ" في الفلاةِ يتمخطر، لزرقةِ بحر في الجنوبِ على بساط أخضر، فرحيلاً لبياضِ الثلجِ بـ "نوريجر"*، ثم حُلمًا لمملكة "الأسود الثلاثة" أينع وأثمر، لم يكن في كل هذا شقيا؛ لا وربي بل إنسانًا عُمانيًا نقيا، رسم من "العينين"* فلج ومسجد، وكتب سيرته أمينًا على صفحاتِ عسجد.

تظل الأحلام سنينا عجافا ما لم تتحقق، ومجرد "ورديات" تمر في ذاكرة ناقصة كنتيجة حتمية لعدم سبرِ أغوارها وتعمير مُدنها المهجورة، وذلك ـ لعمري ـ من لا يؤمن بحظوظه، أمّا المؤمنين بصناعة "قدرهم" وإن تكسرت مجاديفهم؛ فقاربهم يمضي ويستمر، وهذا ـ حقًا وبكل بساطة ـ ما قام به علي الحبسي؛ لم تُقهقره خطوات البُعد عن الأحبةِ والأخلاء، لم توهنه تباريح الطقسِ وقسوة الشتاء، لم تضعفه كثرة الجلوسِ على دكة البدلاء، لم يثني عزمه جري العمر بعد ثلاثة عقود عن مواصلة العطاء.

إن سيرة الأمين علي الحبسي سيرة معروفة على المستوى الإنساني والمهني، والكتابة فيها سيكون من التكرار غير المبرر، لذا سأتجاوز ذلك حتى أقف عند لحظة الخطأ "الكبير" الذي ارتكبه مع بداية الأسبوع في لقاء فريقه "ريدينج" في كأس الاتحاد الإنجليزي على مسرح الأحلام "بأولد ترافورد" والهزيمة ـ المتوقعة على أي حال ـ برباعية نظيفة، خطأ أشعل جذوة فئة قليلة حاولت "التقليل" من أدائه وما يقدمه، فيما كانت الأغلبية مساندة ومشجعة بدايةً من "الأستوديو" التحليلي بقناة (بي إن سبورت) مع الإعلامي المخضرم أيمن جادة والدكتور طارق الجلاهمة ونجم الكرة التونسية السابق حاتم الطرابلسي الذين اتفقوا جميعهم على حدوث هذه الأخطاء وعلى أعلى المستويات، وانتهاءً بالجمهور المحب للإنسان واللاعب علي الحبسي على امتداد البسيطة وبكل أطيافها.

الكلام سهل والنقد أكثر شيء يتقنه من يتصيد الأخطاء فقط، لكن العمل الجاد وأثبات الذات وترسيخ المكانة من الصعوبة بمكان، وكلنا واثقون من تخطي الأمين لهذا الخطأ الذي يجب أن يقول له ونقول معه جميعًا "وبالفم المليان": شكرًا؛ شكرًا لأنه تنبيه مهم لبشريتنا الناقصة مهما تكاملت، لا دفاع عن شخص ناجح لا نسمح بنقده حتى لو كان مخطئا، ولا هجوم على شخص مخطئ يمكن أن تكون له الإجادة والتفوق في مواضع أخرى، فالنصر كما تعلمناه من نور الهدى صلى الله عليه وسلم "للظالمِ والمظلوم".

يبقى أنّ نقول إن الحبسي سيواصل مسيرته الاحترافية حتى العام 2019م ـ على أقل تقدير ـ بعد تجديد عقده مع "ريدينج" ثالث الدوري الإنجليزي في الدرجة الأولى، ترتيب جيد يؤهله للصعود لأفضل دوري بالعالم حسب إحصائيات كثيرة، وبالتأكيد لن يدخر "أبو ريناد" جهدًا لمساعدة فريقه وهو الحاصل على أفضل تقييم بين لاعبي الفريق في أكثر من مناسبة هذا الموسم، وما قبل الخطأ في مباراة "المان يونايتد" وما بعده يمكن القول لعلي: "الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ"؛ حيث ظهر معدنك الأصيل من خلال المحبين والداعمين لك، وعليك أن تواصل التواضع النقي وبر الوالدين، والعمل على تقديم الأفضل، وستظل ـ كما عهدناك ـ رمز فخر ومبعث اعتزاز.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*"نوريجر": الاسم القديم للنرويج في اللغة النوردية القديمة

*"العينين": المنطقة التي يقطنها علي الحبسي بولاية المضيبي