الطريق لريادة الأعمال

 

 

نبيل الحربي 

 

قد نظُن في داخلنا عندما نُفكر أن نكون رواد أعمال أنّ النجاح مفتوح الأبواب.. ومُيسر الطريق .. لكن وفي الحقيقة أن الأمر نسبي، يختلف من شخص إلى آخر.. وقد يعتبر البعض أنّ بعض النقاط مؤهلة للنجاح.. وقد يعتبرها الآخر مجرد شيء مكمل فقط .. فتختلف الصفات من شخص لآخر .. ومن درجة علمية إلى أخرى.. ومن مستوى ثقافي إلى آخر.. وأيضًا من بلد إلى آخر وكذلك من مجتمع إلى مجتمع آخر.. فلا نستطيع أن نقول إنَّ ما يمُر على شخصية تربَّت وتعلمت وعملت في المدينة .. يمر على الشخصية التي تربَّت وتعلمت في الريف.. وأيضاً الشخصية الأكثر سفراً وتطلعاً للبلدان الأخرى لا نستطيع أن نصنفها مثل الشخصية التي لم تتعد حدود البلد الذي تعيش فيه أو حتى البلد المجاورة ..

 

لذلك هناك صفات تجدها في كل شخصية ناجحة اختارت ريادة الأعمال طريقاً لها.. مهما كانت ثقافتها.. ومهما كان مجتمعها وحتى سيكولوجيتها..فهذه الصفات أتوقع أن تكون موجودة وملازمة لرائد الأعمال منذ تأسيسه للمشروع وحتى بقية حياته ..

 

فبدايةً يجب أن تكون العزيمة حاضرة في كل عمل يود المرء العمل فيه وهي النية الداخلية في نفسه .. فالفكرة البينة.. والتخطيط الواضح.. لتحقيق الأهداف يأتي بالعزيمة القوية.. لينطلق المشروع .. ويبدأ من خلاله التسويق الناجح الذي يتطلب فريق عمل يتحلى بالعزيمة .. وقاعدته الطموح الذي لا يُبالي مهما كانت الضغوط ولا يأبه مهما كانت المُحبطات.. فبالعزيمة تستمد القوة.. وبالعزيمة أيضًا يستمر التميز في طريق النجاح..

 

كما أنَّ الرغبة هي أحد أسس النجاح ..فإذا أردت أن تكون ناجحًا يجب أن تتوافر لديك الرغبة القوية.. في النجاح.. والإرادة القوية للتعلم .. فالتعلم المُستمر هو مواكبة العالم الحديث الذي يتغير في كل لحظة .. فالنقلة التكنولوجية في هذا العصر تجعل العالم في تغير سريع لابد لمن أراد النجاح من مواكبته.

 

 فالرَّغبة القوية في التعلم والاستمرار وفهم كل ما هو جديد.. مذكر للنفس .. ومحفز للذات .. وبذلك تكون طريقة عمله وحتى أسلوب تسويقه في مجال ريادة الأعمال طريقة ابتكارية ممزوجة بالرغبة .. والرغبة في التعلم أمر أساسي ومهم في كل يوم بالنسبة للإنسان الناجح.. بالقراءة وحضور الدورات التدريبية وورش العمل وكذلك الملتقيات وأيضًا المؤتمرات التي من شأنها أن تمنحه الفكر الواسع .. والتقدم المستمر لبناء شخصية ذات رغبة قوية في النجاح ..

 

وكذلك لابد من وجود الثِقة في الله ومن ثمّ بالنفس .. فالثقة بالله تمنحك الثقة بمهاراتك .. وأيضاً الثقة بالله تمنحك الثقة بقدراتك .. وذلك يجعلك قادرًا على العمل تحت أي ظروف مهما كانت صعوبتها.. وفي أي بيئة مهما كانت معوقاتها.. لأنك على علم بأنَّ العمل بشكل صحيح.. ينتج نتائج جيدة ومثمرة.. فالثقة الصادقة وحسن الظن بالله تمنح رائد الأعمال الأفكار المتميزة.. التي تساعده في تحقيق آماله وتطلعاته.. وبانتقال تلك الثقة لغيرك تكن جديرا بالثقة من قبل من تتعامل معهم ..

 

وأيضاً في أي عمل نقوم به يجب علينا أن تكون لدينا سرعة في التأقلم مع بيئة العمل التي نعمل فيها .. فالأعمال الخاصة .. والمشاريع التجارية في ريادة الأعمال فيها ميزات وخصائص تجعلها تنفرد عن بقية الأعمال .. وكذلك بها عيوب يجب أن تكون مهيئاً على التأقلم معها .. مثل أي شيء طارئ وغير متوقع .. ما يجعلك مستعدًا لاتخاذ أي قرار مصيري .. فرؤيتك لكل ما يحط بك شيء من المستحيل وجوده .. مهما كانت جودة وترابط الخطة التي قمت برسمها .. كوننا نعمل في سوق مفتوح ..

 

فمقدرتك على التأقلم والتَّفاعل بشكل سريع دون أي توتر أو إحباط .. تمنحك القدرة على أن تكون أكثر مرونة وأكثر تمكناً في اتخاذ القرار الصحيح لحل أي مشكلة قد تطرأ عليك خلال عملك ..

 

والعلاقات المتعددة والواسعة مع الشخصيات المهنية بين الناس المحيطين بك .. عبر الملتقيات..أو شبكات التواصل الاجتماعي .. أمر مهم جدًا في العمل الريادي.. فهذا أمر يجعلك أكثر قدرة على اللجوء لهم.. ويمكنك أيضا عرض خدماتك لهم . وأيضاً يمنحك القدرة على الاستفادة من أي عروض مقدمة من أي منتج قد يفيدك في عملك الريادي .. فالعمل الريادي يمتاز بخاصية الأخذ والعطاء.. وهي أن تقدم الخدمات حسب الاستطاعة.. بذلك تكون روابط وثيقة وقوية مع جميع الأفراد.. فبتعاملك مع أيّ فرد كأنك لا تعرف غيره.. وتمنحه ما يجب عليك منحه ..سيجعلك تجد من يتعامل معك بنفس الأسلوب في يوم ما.. وأيضاً تمنحك العلاقات أخبارا سريعة ومهمة عن منافسيك.. عن السوق والمؤشرات التي قد تحتاجها في عملك..

 

 كل شيء يحتاج إلى بحث.. والقدرة على البحث الصحيح هي القدرة على دراسة السوق بشكل جيد.. ومعرفة ما يحتاجه العملاء من مستوى الجودة.. والأسعار.. فالأسباب الكامنة خلف فشل معظم الرواد المبتدئين هي عدم القدرة على البحث الصحيح ودراسة السوق دراسة حقيقية .. فيجب أن يعلم رائد العمل أنّ بالبحث الجيد والمستمر الذي يمنح رائد العمل معلومات جديدة ومحدثة حسب السوق.. وبيئة العمل يمنحه المزيد من النجاح .. ويعطيه القدرة على فهم السوق بشكل واضح فيتجنب بذلك الفشل خاصة في الفترة الأولى من إنشاء العمل الخاص به...

 

إنّ التمويل بحد ذاته مجازفة جريئة يقوم بها رائد العمل وهي تتطلب إنشاء علاقات واسعة ومعارف متعددة للمساعدة في إيجاد آلية معينة أو طريقة مثالية للحصول على تمويل للمشروع.. فعلى رائد العمل عمل خطة محكمة لترشيد الاستهلاك.. فالتقنية أصبحت تشغل نسبة عالية في إنجاح المشاريع وتسويقها .. والتي قللت من أهمية إيجاد موقع مثالي.. أو مكان مميز قد يتسبب في دفع تكاليف إيجار عالية .

 

 من كل ذلك فإنّ الحكومة تسعى في المقام الأول لخلق فرص عمل في ريادة الأعمال .. وتصفها بالطريق الأسهل لتحول الشاب العماني من موظف في القطاع الحكومي أو الخاص.. إلى رجل يمتلك إحدى الشركات وصاحب أعمال يحقق الأرباح وكذلك يمكنه توظيف العمانيين .. ويساهم في بناء الاقتصاد العماني ..

 

 ومن هنا فالحقيقة أنّه إذا كان هدفك الأول هو الحصول على المال .. فقد تكون هناك طرق أسهل وأبسط من إنشاء شركة ناشئة.. مثل أن تحاول جاهدًا العمل في إحدى الشركات الدولية .. أو تستثمر أموالك في مشاريع قليلة المخاطر .. مثل الأسهم أو العقارات.. 

 

فرائد العمل ليس قادرا على التمتع بالوقت ولا بالمكان .. بل يستغل كل الأوقات لاستثمارها لصالحه من أجل النجاح والثراء.. فالإحصائيات في متوسط عدد السنوات التي قد تقضيها الشركات المبتدئة للوصول إلى الاستقرار النسبي قد يصل إلى ما يقارب 5 سنوات ..

 

يعني ذلك أنّ النجاح يحتاج الكثير من الجهد، ولا يمكن الوصول إليه بين ليلة وضحاها .. فما نواجهه هنا أننا لا نسمع سوى قصص النجاح فقط .. ولم نقرأ عن قصص الفشل التي قد نستفيد من إخفاقات أصحابها.. ونتعلم من أسباب فشلهم .. وننظر لها بنظرة إيجابية لمستقبل مشرق ..

فالكثير من الذين يسلكون طريق ريادة الأعمال يظنون أنّ الفكرة الجيدة تكفي لإقامة شركة تحقق الأرباح الوفيرة .. ولا يعلمون أنّ الفكرة ليست هي أساس النجاح وتحقيق الأرباح.. فقد لا تساوي شيئا أحيانا أمام بعض الصعوبات .. فهناك العديد من الأفكار الإبداعية التي فشلت .. بسبب صعوبة تنفيذها .. أو عدم القدرة على تنفيذها ..

 nabilonlin@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك