مشاهدات عابرة على شارعٍ عام

 

 

(1)

الحياة جملة كبيرة من الضغوطات التي تترصد بك وتلاحقك أينما ذهبت، تجدها في البيت، أو في العمل، أو في الشارع، أو حتى في أماكن الترفيه العامة، بمعنى أشمل تجدها في كل مكان، فإذا رأيت ما يستفزك، فلا تسب وتلعن الزمن والناس، ولا ترفع ضغطك، لأنّك لن تجد من يهتم لأمرك سوى نفسك، كل ما عليك فعله هو أن تجلس بهدوء وتشاهد، وتسمع، ولا تتكلم، وتذكر أن صحتك أغلى ما تملك فحافظ عليها..

 (2)

تشاهد أحيانا امرأة تقود سيارتها في الزحمة، تضع طفلها الصغير (المدلل) في حضنها، تمسك بالمقود بيد، وباليد الأخرى تتشبث بالطفل، وتعدّل من شيلتها، وتتأكد من المكياج، وتكتب رسائل الواتس أب، وتزاحم السيارات، تفعل كل تلك الأشياء في وقت واحد.. وهي مستعدة ـ فوق ذلك ـ لشتم السائقين الذين لا يقدّرون (موقفها)..

حينها تتمنى لو كنتَ شرطيا لتعطيها ألف مخالفة، وتحجز السيارة، وتضع الطفل في حضانة خاصة.. ولكن ما باليد حيلة غير الصمت، ومشاهدة هذا الاستهتار غير الحضاري..

طبعا هذا التصرف ليس مقصورا على النساء، بعض الرجال يفعلون ما هو أسوأ.

(3)

تدخل زحمة شديدة في الشارع العام، لا تستطيع الفكاك منها، تسير ببطء، لتكتشف في النهاية أن سبب ذلك الازدحام مجرد حادث مروري بسيط في الشارع المقابل، أو تجد شرطيا يحرر مخالفة لسائق بعيدا عن الطريق، أو سيارة مركونة على جانب الشارع يعتقد السائقون أن بها جهاز (رادار) !!..

حينها..لا ترفع ضغطك، بل استعذ من ابليس..وامضِ.

(4)

يفتح أحدهم باب السيارة في الشارع العام، ويبصق مادة حمراء، وكأنه (كوبرا) تلفظ سمّها الزعاف في وجه عدوّها، وبكل هدوء يغلق هذا (الأحدهم) الباب، ويسير في طريقه دون أن يعي أن وراءه عشرات الناس الذين يودون لو بصقوا عليه.. ولكنهم اكتفوا بالتقزز من فعلته.. وساروا في طريقهم بامتعاض.

(5)

تشاهد أحد المارة وهو يعبر الشارع ممسكا بهاتفه النقال، وكل تركيزه على الشاشة، لا يعير الطريق والسيارات اهتماما، تكاد سيارة مسرعة أن تدهسه، وأبواق الحافلات تلاحقه، وهو في عالم آخر، لا يكترث لأي شيء، لأن الهاتف أهم من حياته..

في تلك اللحظة تود أن تأخذ النقال من يده، وترميه تحت عجلات السيارة، ولكن تذكّر أن الحق سينقلب عليك..فاكتفِ بابتسامة (صفراء) وارحل بسلام.

(6)

تقود سيارتك في الشارع ضمن السرعة القانونية، تنظر في المرآة فتشاهد شاحنة أو حافلة تحمل عمالا عائدين من يوم عمل شاق، تهدر خلفك، وتحاول أن تزيحك من طريقها، لا تملك إلا أن تفسح لها الطريق.. تتساءل في نفسك: تُرى كم تبلغ سرعة هذا المستهتر الذي يقود هذا (الديناصور)؟!! وتتمنى أن تشرّع الشرطة قانونا خاصا للشاحنات والحافلات وسيارات الأجرة والنقل العام.. ولكن حتى ذلك الحين ما عليك سوى إفساح الطريق للقادمين من اليمين واليسار..

(7)

في كل أحوالك ستصادف الكثير من المشاهد الغريبة والمستفزة كل يوم، ولو أنك راقبت وحاسبت كل شخص يخالف القانون، أو يستهتر بأرواح الناس لارتفع ضغطك.. لأنك في كل الأحوال أمام خيارين: إما أن تصمت وتمضي في طريقك وكأن شيئا لم يكن.. وإما أن تتدخل وحينها يعاقبك القانون وتكون ضحية غضبك!!

فاختر أيّ الأمرين أحب إليك..

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com