أمنيات اقتصاديّة

 

فايزة الكلبانية

أمنيات عدة اعتدنا أن نجدد صياغتها على الصعيد الشخصي، والعملي، والحياة عامة قبل بداية عامنا الجديد، بعد تقييمنا لما تمّ إنجازه من خطط عامنا المنصرم، وترحيل ما لم يتم إنجازه لظرف أو لآخر لقائمة أهداف العام القادم، وها قد مرّ عام آخر يضاف إلى رصيد سنوات مضت من أعمارنا، مرّ عام بكل ما حمله في طيّاته من أمنيات لتلاشي كل أزمات اليوم ومؤثراتها على حياتنا، مرّ العام والكل يحلم بالسلام والأمان، وتلاشي الدمار والحروب وإراقة الدماء والفوضى وما تخلّفه من دمار.

نعترف بأننا كنّا سابقا نحتاج إلى إصلاح اقتصادي، ولكن اليوم نحن بحاجة ماسة إلى اقتصاد إصلاحي بديل يغيّر مجرى خططنا المتراكمة، التي لم تستطع حتى اللحظة أن تغيّر شيئًا من واقعنا الذي نأمل ألا يكون أسوأ مما يرشح عبر وسائل الإعلام من تصريحات مطمئنة من قبل المسؤولين، وألا يمس بمعيشة أفراد المجتمع أكثر مما تم مؤخرا من خلال بعض القرارات الجريئة التي ألقيت على كاهل المجتمع وأفراده ليكونوا شركاء في الإصلاح الاقتصادي وتلافي سوء الأوضاع مستقبلا، فاليوم تتضافر الجهود حكومة وشعبا وقطاعا خاصا لأجل عمان ومن يعيش على أرضها بسلام.

*****

 

 

نعترف بكل شفافية بأننا مقدمون على مرحلة صعبة قادمة تحمل في طيّاتها أمنيات اقتصاديّة يشهدها عامنا القادم نتيجة لتواصل تنفيذ الخطط البديلة التي تمت صياغتها نهاية العام الجاري 2016م، لنستبشر بنتائجها خيرًا على مشارف العام 2017م، أمنيات بدخول استثمارات جديدة محليّة وأجنبية للبلد، أمنيات بإعاة انعاش حركة سوق الأسهم من خلال طرح إصدارات أوليّة للاكتتاب العام، أمنيات لدى الباحثين عن عمل بفرص للتوظيف يحصلون عليها جراء قيام مشاريع استثماريّة جديدة، أمنيات عملنا عليها جميعا ومستمرين على تفعيلها؛ تتمثل في توحيد الجهود وتوثيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأسمى الأمنيات الاقتصادية أن يتم تبسيط الإجراءات أمام القطاع الخاص ليتسنى له القيام بأدواره المُعوَّلة عليه مستقبلا للمساهمة في تنويع مصادر الدخل القومي بكل شفافية.. أمنيات بأن يشهد قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة طفرة نوعية أمام مختلف تحدياته التمويلية والتنافسية والعمالية وغيرها.

*****

اليوم نجد أنّ العالم عامة والسلطنة خاصة تعمل جاهدة في البحث عن مصادر بديلة للنفط الناضب لتكون المعين في سير العمليّة الاقتصادية لتستمر الحياة على اتزانها المعتاد بكل ما تتخلله من متطلبات بمختلف قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية وغيرها، معولين على القطاع الخاص بأن يكون الشريك الاستراتيجي في الخروج من هذا النفق المظلم، ويتحد مع الحكومة يدًا بيد لمواجهة الأزمة النفطية وتبعاتها، والقضاء على البطالة وخلق فرص عمل للباحثين المنتظرين عن فرص للتوظيف، إلى جانب العمل على تنويع مصادر الدخل، ويبقى السؤال الجوهري الذي ما زال مستمرًا في طرح نفسه أمام كل محفل يدعو إلى الشراكة الحقيقية بين القطاعين "العام والخاص".. هل تستطيع المؤسسات الاقتصادية للقطاع الخاص تلبية متطلبات النهوض والتقدم التي تلقيها الخطط والدراسات على عاتقها اليوم لتحقيق تنمية اقتصادية ومواجهة تبعات أزمة تراجع أسعار النفط، والتقصير في إدارة مثل هذه الأزمات؟

 

 

*****

"تبسيط الإجراءات أمام القطاع الخاص" أسمى الأمنيات الاقتصادية التي ينادي بها جميع الاقتصاديون، كما أنّه يمثل الحل الذي بالنسبة للجميع ليكون أساس الحلول التنفيذية التي تمكن القطاع الخاص من القيام بالدور المطلوب منه على أكمل وجه، فلابد من إيجاد سبل لتوحيد الجهود الحكومية وتبسيط إجراءاتها التعقيديّة أو ما تُسمى بالمحطة الواحدة والتي يتم تطبيقها عبر نظام "استثمر بسهولة" والذي سيعمل على ربط كافة الجهات المعنيّة بإجراءات الاستثمار والمستثمرين لتسهيل عملية تخليص المعاملات أمام كل من يرغب بالاستثمار على الصعيد المحلي والدولي، الجميع متفقون على أنّ القطاع الخاص لا يعاني من شح التمويل أو السيولة مقارنة مع معاناته من تعقيد الإجراءات والتي تؤدي إلى هروب المستثمرين أو تراجع البعض أو تصفية عدد من المشاريع القائمة والمقترحة، وهذا ما لا نتمنّاه في المرحلة القادمة. لذا يجب أن تهيئ الحكومة المناخ الاستثماري الملائم أمام المستثمرين من خلال العمل على تبسيط الإجراءات أمامهم ليكون لهم دافعًا وحافزًا لحقيق كل ما هو مأمول منهم؛ وإلا سنصطدم بواقع لا يقبل التغيير والمساهمة في الخطط القادمة.

*****

 

من مفارقات الوضع الاقتصادي في السلطنة مقارنة ببعض دول العالم نجد أنّ الأخيرة يفضل أفرادها العمل في القطاع الخاص بدلا من الحكومي، على عكس ما هو سائد في السلطنة، حيث يتسابق الجميع للحصول على فرصة عمل بالقطاع الحكومي لما يشمله من امتيازات إيجابية مقارنة بالخاص، ولكن تظل هناك مفارقة لمقاييس التفضيل نتلمّسها من واقع تجارب الحياة على صعيد أوضاعنا الشخصيّة أو العامة حيث يُنصح "الموظف الحكومي" بالتوجه للعمل في "الخاص" لكونه يعد أكثر فرصة لتعزيز المهارات وصقلها وأكثر متنفسًا للإبداع والابتكار للموظف خاصة الموظف المبتدئ في سوق العمل، وفي المقابل نجد الموظف في "الخاص" يأمل لو تتاح له الفرصة للالتحاق بالعمل في القطاع الخاص هربًا من ضغوطات العمل وطول ساعات العمل المطلوبة، والأكثر من هذا البحث عن الأمان الوظيفي من حيث التقاعد  ومعدلات الرواتب أحيانًا.

 

faiza@alroya.info