قلهات.. مدينة الخيول والبهارات والكنوز التاريخية

 

 

مسقط - العمانية

 تقع مدينة قلهات التاريخية بمُحافظة جنوب الشرقية بولاية صور على مسطح جبلي وتأخذ شكل المثلث كما أنَّها ذات موقع إستراتيجي محمي بتضاريس طبيعية حيث يحدها من الغرب الجبال الشاهقة ومن الجهة الشمالية الشرقية يحدها البحر كما يحدها من الجهة الشمالية الغربية الخور ووادي حلم.

يعود تاريخ هذه المدينة إلى القرن الثالث عشر الميلادي حيث تعد الميناء التجاري الرئيسي الذي يربط بين الداخل والخارج واشتهرت كما وصفها ابن بطوطة في القرن الرابع بأنّها مركز تصدير الخيول ومنها يتم استيراد البهارات ووصفها أيضاً الرحالة الإيطالي ماركو بولو في القرن الثالث عشر الميلادي في أوج ازدهارها وأطلق عليها اسم «قلاياتي» وذكر في أخبار رحلاته المدينة ووصف ميناءها الكبير الذي تؤمه بكثرة سفن التجارة القادمة من الهند بسبب أهمية موقعه كميناء تجاري وسيط لنقل مختلف البضائع والسلع إلى مناطق عُمان الداخلية.

ومن أبرز الآثار التاريخية في قلهات ضريح بيبي مريم المزخرف من الداخل. وكانت خلال تلك الحقبة من أهم المدن العمانية التابعة لحكم هرمز التي سيطرت على مدخل الخليج العربي وأصبحت تسيطر على طرق التجارة البحرية في الخليج العربي القادمة من جنوب شرق آسيا ومن الصين والهند وبلاد فارس في حين كانت عمان الداخل تحت حكم النباهنة وكانت مدينة بهلا عاصمة لهم.

في العام 2003 بدأت الأعمال الأثرية في الموقع فشملت المسوحات والحفريات الأثرية بعض أجزاء المدينة حيث تمَّ المسح الأثري بالتصوير الجوي والرسم شاملاً المقبرة الإسلامية الواقعة إلى الجنوب من ضريح بيبي مريم.

  وقد توالت أعمال تنظيف وإظهار أسوار المدينة التاريخية وكذلك إظهار الطرق والممرات التي تخترق البيوت والمرافق الأخرى التي تحويها المدينة من قبل وزارة التراث والثقافة في 2008 و2009.

كما تم إبراز الجدار المواجه للشارع العام والأبراج التي تتخلل بعض أجزائه ومن الملاحظ أن هذه الجدران بنيت باستخدام الحجارة غير المشذبة وبدون استخدام مادة لاحمة.

   ورافقت أعمال المسوحات تنقيبات أثرية عند السور الشمالي الغربي للمدينة على ضفة وادي حلم اكتشف خلالها بناء شبه مربع تتوزع به أربع غرف حول فناء في الوسط ويوجد في هذه الغرف أحواض متصلة بأنابيب فخارية وقد تبين أنّ هذه المنشأة ماهي إلا مرفق للاستخدام يجلب له الماء من البئر المجاور ويصب الماء في حوض خارج المبنى ومن ثم تنساب المياه إلى داخل أنابيب فخارية ومن ثم إلى الحمامات وهي طريقة لم يعرف لها مثيل سابقاً في عُمان ويوجد أسفل هذه الحمامات خزانات وربما كانت لها وظيفة لتصريف المياه وذلك لاتصال الخزانات بتلك الغرف عن طريق أنابيب فخارية كما تكثر في هذه الخزانات آثار الحرق.

     كما رافقت أعمال المسوحات والحفريات على البر أعمال مسوحات تحت البحر وذلك للتحقق من أية آثار غارقة تحت الماء وكانت نتائج المسح مبشرة حيث تم التقاط مؤشرات عديدة تدل على وجود آثار غارقة ربما تكون لسفن أو أجزاء خشبية ربما تكون لبقايا سفينة.

   كما تمّ العثور على مجموعة من المراسي الحجرية تحت مياه البحر بالقرب من شاطئ قلهات برهنت على العمق الاستيطاني لموقع مدينة قلهات التاريخية وأهم هذه الأدوات مرساة عثر عليها عام 1998م وهي من حجر الكلس ولها ثقب واحد ولايقل وزنها عن 40 كيلوجراما تقريبًا وقد استخدمت هذه النوعية من المراسي خلال الفترة الممتدة بين الألفين الثالث والأول قبل الميلاد.

   بدأت البعثة الفرنسية عملها في موقع مدينة قلهات التاريخية منذ عام 2008م وخلال مواسم التنقيبات السابقة تم الكشف عن المسجد الجامع في المدينة والجدران الشمالية وعدد من المباني السكنية وقد ركزت البعثة خلال موسم 2010 /2011م على استكمال العمل في المسجد الجامع ومواصلة توثيق الشواهد الأثرية في المدينة التاريخية ولازالت أعمال التنقيب والترميم جارية حتى الآن.

 

تعليق عبر الفيس بوك