صالح البلوشي
يتوجه المواطنون في المحافظات العمانية المختلفة يوم الأحد القادم 25 ديسمبر إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء المجالس البلدية للفترة الثانية (2017 ـ 2020). وتأتي هذه الانتخابات وسط أجواء ديمقراطية رائعة تترقب بكل شغف الأسماء الفائزة التي تمثل المواطنين في المجالس البلدية في الفترة القادمة. خاصة وأنّها تجربة حديثة في السلطنة وتحتاج إلى سنواتٍ من أجل تطويرها بشكل أفضل تخدم تطلعات المواطن العماني ورغبته في بناء وتطوير وطنه.
وقد أكّدت وزارة الداخلية العمانية أنّها أكملت كافة استعداداتها لهذه الانتخابات، وجهزت اللجان في جميع محافظات السلطنة لاستقبال المواطنين الناخبين، وتمّ تجهيز كل المراكز بكافة الأجهزة والوسائل التي تسهل على الناخبين اختيار ممثليهم بكل يسر ومرونة.
ولو رجعنا قليلا إلى الوراء، كانت انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الأولى قد جرت يوم 22 ديسمبر الأول 2012، باعتبارها أول انتخابات من نوعها لهذه المجالس، وقد أنشأت سلطنة عمان أول مجلس بلدي في مدينة مسقط عام 1939، وأعيد تشكيله عام 1972 ليقتصر على محافظة مسقط، وكان يتم تعيين جميع أعضائه، ثم شهد عام 1973 إنشاء ما سُمي بـ "مجالس أمهات المناطق"، وتغير اسم هذه المجالس إلى "لجان بلدية" في عام 1986.
وعودا على بدء، فإنّ الانتخابات الحالية -التي تجري بعد ثلاثة أيام فقط وتحديدا يوم الأحد القادم -تشكل امتحاناً صعباً للمترشحين والناخبين على حد سواء، فالمترشحون الذي يعملون منذ عدة أشهر في الدعاية الانتخابية وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات الخاصة ينبغي عليهم أن يضعوا مصلحة الوطن والمواطن في الدرجة الأولى من اهتمامهم، من خلال تقديم البرامج الانتخابية التي تقوم على الشفافية والواقعية، والابتعاد عن المبالغة وتقديم الوعود التي يصعب تحقيقها.
ومن خلال متابعتي لكثير من هذه البرامج وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي فقد لمستُ رغبةً حقيقيةً من المترشحين في خدمة الوطن والمواطنين، ورأيت أفكاراً جميلة وبناءة لو طبقت فإنّها تساهم بشكل كبير في إنجاح عمل هذه المجالس. أما من ناحية الناخبين، فلا شك أن للمجالس البلدية دورا كبيرا وهادفا في إيصال صوت المواطن إلى الحكومة عن طريق انتخاب الأعضاء الذين يقومون بتمثيله في هذه المجالس؛ ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إبراز دوره الحقيقي المتمثل في اختيار المرشح المناسب والكفء الذي يستطيع أن يخدم الوطن والمواطن بشكل صحيح، ويستطيع أن يساهم في عملية البناء والتطوير من خلال المشاركة الفعّالة في هذه المجالس عن طريق تقديم الرؤى والأفكار والاقتراحات التي تطور عمل المجالس البلدية، وتخدم الولاية التي يمثلها في المجلس البلدي، ولا يكتفي بالعضوية فقط حتى يقال له "العضو البلدي"؛ فعضوية المجلس هي تكليف أولا وأخيرًا وليست تشريفا.
كما ينبغي اجتناب الترشيح حسب معيار الصداقة أو العصبية القبلية وإنما حسب كفاءة المترشح وبرنامجه الانتخابي؛ لأنّ انتخاب المترشح حسب انتمائه الأسري أو القبلي يؤثر بلا شك على عمل المجالس البلدية؛ لأنّه يوصل العضو غير الكفء إلى هذه المجالس، وبالتالي يفقد المجلس دوره في الولاية التي يمثلها، وسيكون الناخبون هم الخاسر في ذلك، وقبلهم الوطن. ولذلك فلنحرص على صوتنا، ولمن نمنحه، فإنّه مسؤولية وأمانة.