في جلسته الحوارية الثالثة لدور الانعقاد السنوي الثاني

"الشورى" يناقش التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني والآفاق المستقبلية

 

 

مسقط – الرؤية

انطلاقاً من الرؤى التي يتأسس عليها مفهوم مؤسسات المجتمع المدني وواقعها التنظيمي والتطبيقي في السلطنة، وإيمانًا بدورها في تحقيق مفهوم الشراكة المجتمعية، نظَّم مجلس الشورى صباح أمس جلسته الحوارية الثالثة لدور الانعقاد السنوي الثاني (2016/2017م) من الفترة الثامنة (2019-2015م) بعنوان "مؤسسات المجتمع المدني: الواقع والآفاق المستقبلية".

أقيمت الجلسة برعاية سعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وبحضور أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، وسعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي أمين عام المجلس، وعدد من المختصين من وزارة التنمية الاجتماعية وغرفة تجارة وصناعة عمان وعدد من الجمعيات الأهلية والمهتمين بهذا المجال.

وهدفت الجلسة الحوارية التي أدارها سعادة ناصر بن خميس الخميسي نائب رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية بالمجلس إلى مناقشة التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني والتنظيم القانوني الخاص بعملها، إلى جانب إيجاد الحلول المناسبة التي تمكنها من تفعيل أدوارها المختلفة وممارستها بشكل أفضل.

وقدم راشد بن سالم بن عبد الله آل عبد السلام باحث قانوني بدائرة الجمعيات وأندية الجاليات بوزارة التنمية الاجتماعية ورقة عمل تحدث خلالها عن قانون الجمعيات الأهلية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 14 / 2000.

وأشار آل عبد السلام إلى مفهوم الجمعية الأهلية وأهدافها ومنها: القيام بنشاط اجتماعي أو ثقافي أو خيري ويشمل ذلك الصناديق الخيرية والجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية وتلك التي تنشئها الهيئات الخاصة أو الشركات أو المؤسسـات.

كما أوضح أنّ الجمعيات الأهلية تخضع لرقابة الوزارة دون تدخل في شؤونها الداخلية إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي يتم فيها التقدم بطلب للوزارة لتسوية موضوع أو خلافات ترى الجمعية من الضرورة تدخل الوزارة لحلها.

وقال الباحث القانوني بوزارة التنمية الاجتماعية إنّ هناك مجالات للجمعية تعمل من خلالها منها رعاية الأيتام، ورعاية الطفولة والأمومة، والخدمات النسائية، ورعاية المسنين، ورعاية المعوقين والفئات الخاصة. كما تضمنت الورقة عددا من الموضوعات منها تأسيس الجمعيات الأهلية، والجمعيات العمومية العادية وغير العادية، ومجلس إدارة كل جمعية، بالإضافة إلى ادماج الجمعية وحلها.

بعدها قدمت المكرمة صباح محمد البهلانية الرئيس التنفيذي لجمعية التدخل المبكر ورقة عمل قدمت خلالها عرضًا مرئيًا حول "نموذج الخدمات والرعاية الاجتماعية: جمعية التدخل المبكر".

وأشارت البهلانية إلى أن جمعية التدخل المبكر تهدف إلى إلحاق الأطفال المعاقين في المدارس المنتظمة عند بلوغهم سن السادسة إن أمكن، موضحة أن التدخل المبكر هو نظام متكامل من البرامج والإجراءات والسياسات الموجهة للطفل وأسرهم، والذي يسعى إلى الكشف المبكر عن الإعاقات، وتقديم البرامج التأهيلية، ودعم الأسرة وتوعيتها بكيفية التعامل مع الطفل.

كما استعرضت البهلانية بعض المؤشرات منها عدد الأطفال الملتحقين ببرنامج التدخل المبكر والبالغ عددهم (67 طفلا)، إلى جانب الزيارات السنوية التي تقوم بها الجمعية والتي تصل إلى (791) زيارة سنوية للأطفال وأسرهم.

 مشيرة إلى أنّ أكثر أنواع الإعاقة المنتشرة هي متلازمة داون، والتوحد، إلى جانب بعض المتلازمات الجينية التي يصعب التعامل معها.

ورقة العمل الثالثة كانت حول تحديات العمل أمام مؤسسات العمل الأهلية قدمها المهندس فؤاد بن عبد الله الكندي عضو مجلس إدارة جمعية رعاية الأطفال المعوقين، وأكد الكندي أن المجتمعات مرت بتجارب متنوعة من أجل تحقيق التنمية والتقدم في شتى المجالات فكان من الضرورة مشاركة المواطنين في العملية التنموية.

تناول الكندي خلالها أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات الأهلية في السلطنة عامة وجمعية رعاية الأطفال المعوقين على وجه الخصوص، ومنها: غياب روح التطوع في المجتمع، وضعف التمويل المقدم للجمعيات وتأثيره على زيادة الفجوة بين الإمكانات المتاحة للجمعيات من جهة والعمل النوعي المنظم المطلوب منها من جهة أخرى وأثر ذلك على التخطيط التنموي المجتمعي بعيد المدى، بالإضافة إلى ضعف الإستراتيجيات التخطيطية والتنظيمية على المستوى الحكومي والأهلي وغياب للرؤية المستقبلية المتكاملة.

وتضمنت ورقة العمل عددًا من التوصيات منها وضع خطة تنموية مجتمعية شاملة تكون الجمعيات الأهلية عنصراً فعالاً فيها ومشاركًا حقيقيًا في رسم سياستها، وتفعيل آليات التنسيق والعمل المشترك بين الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية. إلى جانب توصية بعدم وضع الصعوبات أمام توسع المنظمات في حجمها وأنشطتها، وتحليل آثار هذا التوسع ودراسته ومناقشته مع المنظمات الخيرية، وإعطاء صلاحيات أكثر للمنظمات الخيرية في تغيير هيكلها في ضوء المؤثرات المختلفة، وألا يكون هيكلاً جامدًا لا تغيير فيه في وسط عالم متغير.

بعدها قدمت رحيمة بنت حبيب المسافر، رئيسة جمعية الرحمة ورقة العمل الرابعة حول "نموذج العمل الخيري: جمعية الرحمة الخيرية" ، وأوضحت خلالها أنَّ الجمعية تهدف إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي والعيني لأسر الأيتام والأسر المعسرة، وتقديم خدمات تعليمية وتثقيفية وترفيهية للأطفال، بالإضافة إلى مساهمة الجمعية في تأهيل ودمج الأطفال المعاقين في المجتمع المدني ومساعدتهم ماديًا وعينيًا بالتعاون مع المؤسسات الخاصة ذات الصلة. واستعرضت رحيمة المسافر بعض المشاريع والبرامج التي تنفذها الجمعية منها برنامج كفالة وكسوة يتيم الذي يستفيد منه حوالي 3 آلاف يتيم، ويضم البرنامج الأيتام الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة.

وقالت إنَّ أهم الصعوبات التي تعاني منها الجمعية تتمثل في عدم توفر آلية تربط بين الجمعية والجهات المعنية لمساعدة الأسر المعسرة يؤدي إلى وقوع ازدواجية في صرف المساعدات لهم.

وطالبت بإعادة النظر في بعض اللوائح والإجراءات المُتعلقة بقانون الجمعيات الأهلية لتواكب المتغيرات المحيطة. كما اقترحت إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة للعمل التطوعي والخيري تخص العمل التطوعي ليكون مرجعية للفرق العاملة بها.

وقدم أحمد بن علي المخيني باحث في شؤون المجتمع المدني ورقة العمل الخامسة حول أثر العولمة على العمل الأهلي، أكد خلالها أنَّ العلاقة التفاعلية بين العولمة والمجتمع المدني أصبحت متينة، وأن تأثير العولمة على المجتمع المدني في السلطنة يعد محدودًا، وشدَّد على أهمية تشجيع العمل المدني كمنهج تنموي وإشراك للمواطن في المسؤولية المدنية وليس المالية فقط.

وتحدث المخيني عن الدور البارز لمؤسسات المجتمع المدني وتأثيرها في صنع القرارات، منوهًا إلى أهمية تسهيل إجراءات تأسيس هذه المؤسسات وتيسير عملها.

وتناول المخيني خلال ورقته عددا من الموضوعات المتعلقة بتأثير العولمة منها سير العمل الأهلي والعمل المدني، والمشهد السياسي المحلي وتأثيره على تطور العمل الأهلي والمدني، ومجالات العولمة ومظاهرها وآثارها.

كما قدَّم المهندس خميس بن سالم الصولي رئيس مجلس إدارة جمعية المهندسين العمانيين عرضًا مرئيًا حول "نموذج العمل المهني التخصصي: جمعية المهندسين العمانيين"، استعرض خلاله أهم أنشطة جمعية المهندسين العمانيين، وإنجازاتها منذ تأسيسها، مشيرًا إلى أنَّ جمعية المهندسين العمانيين تمَّ تأسيسها عام 2001م، بموجب قرار وزاري للجمعيات الأهلية والمهنية. ويضيف الصولي: تنظم الجمعية عدداً من الدورات التدريبية في مجالات الهندسة والإدارة والسلامة يستفيد منها أكثر من250 مهندساً ومهندسة.

في حين قدم الدكتور عبد السلام يحيى من غرفة تجارة وصناعة عُمان ورقة العمل السابعة حول الشراكة الاجتماعية وفرص إبراز الدور لمؤسسات المجتمع المدني، تحدث خلالها عن دور القطاع الخاص في دعم مؤسسات المجتمع المدني.

وتضمنت الورقة الإشارة إلى نطاق المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات ومنها الجانب الثقافي والاجتماعي والبيئي والاقتصادي والقانوني، والتأكيد على أنَّ المسؤولية الاجتماعية ترتكز على مبادئ وقواعد أخلاقية منها الشفافية واحترام حقوق الإنسان واحترام العلاقات الدولية والسلوكيات.

واستعرض الدكتور عبد السلام يحيى الأسباب التي أدت إلى تنامي المسؤولية الاجتماعية، وواقع المسؤولية الاجتماعية للشركات والتنمية المستدامة في السلطنة، وكذلك المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص. كما تطرق إلى جهود غرفة تجارة وصناعة عمان في الارتقاء بموضوع المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة.

وأوصى الدكتور عبد السلام يحيى خلال ورقته بضرورة تكثيف الجهود نحو مزيد من التوعية بالمسؤولية الاجتماعية وأهميتها لخدمة المجتمع وعلاقتها القوية بالتنمية المستدامة، وحثَّ الشركات والمؤسسات والأفراد من أجل بذل مزيد من الاهتمام بموضوع المسؤولية الاجتماعية، وإيجاد كيان مؤسسي يوحد جهود المسؤولية الاجتماعية في السلطنة في شكل "جمعية" أو لجنة خاصة بالمسؤولية الاجتماعية.

أما الورقة الأخيرة فقدمها محمد بن طالب المرضوف مدير عام الاتحاد العام للعمال حول "نموذج العمل الحقوقي والعمالي: الاتحاد العام لعمال السلطنة". استعرض خلالها اختصاصات الاتحاد العام لعمال السلطنة. وذكر المرضوف خلال حديثه أنه تم عقد أول مؤتمر تأسيسي للاتحاد العام للعمال عام 2010م، كما أنّ الاتحاد يتكون من النقابات العمالية والاتحادات العمالية.

بعد عرض أوراق العمل فتح باب النقاش حول محاور الأوراق والموضوعات التي تم طرحها خلال الجلسة الحوارية، وقد تركزت معظم الاستفسارات حول أسباب عدم إشهار الفرق الخيرية النشطة والمعروفة بالمجتمع، منوهين إلى أهمية إعادة النظر في قانون العمل التطوعي الحالي وإصدار قانون جديد ينظم العمل التطوعي كاملاً. كما استفسر أحد الحضور حول أسباب عدم وجود أفرع للجمعيات في مختلف الولايات لما لها من أثر إيجابي، إلى جانب المطالبة بمنح الجمعيات مساحة كافية لممارسة عملها بشكل أفضل. كما اقترح الحضور إنشاء لجنة فرعية تتبع لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية بالمجلس تهدف إلى رصد حاجات مؤسسات المجتمع المدني.

تعليق عبر الفيس بوك