خالد بن علي الخوالدي
انتشرت الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية في السلطنة انتشارا كبيرا حتى كادت المجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي تمثل فرقاً تطوعية وخيرية، وهي ظاهرة في ظاهرها صحية وبها الخير والصلاح والفلاح ولكن ما خفي من أهدافها يجعلنا نراجع أنفسنا تجاهها، فكثرتها بدون ضوابط وأسس تجعل بعض من أسسها ينحرف بها إلى تحقيق مصالح شخصية وفئوية وقبلية ومالية وانتخابية وغيرها من المصالح.
مئات إذا لم تكن آلاف من هذه الفرق الخيرية والتطوعية ظهرت على السطح نتيجة تشجيع الحكومة للعمل التطوعي من خلال تخصيص جائزة للعمل التطوعي من لدن المقام السامي إلى جانب تخصيص يوم الخامس من ديسمبر من كل عام يوماً عمانياً للتطوع، كل هذا إلى جانب الفطرة الطبيعية للشعب العماني وحبه العميق لفعل الخير والتطوع من أجل مجتمعه جعل هذه الفرق والجمعيات تظهر بشكل كبير جدًا.
وإن كان هناك فرق بين العمل التطوعي وبين الجمعيات الخيرية إلا أنّها تتفق جميعًا في ضرورة أن يكون لها أسس وضوابط تحكمها وتعمل على ترسيخ دورها بشكل قانوني ورسمي ويكون لها مكان مُحدد وأشخاص مسؤولون عنها معروفون لدى المؤسسة الحكومية المختصة ولدى المجتمع حتى يعمل الجميع في النور بعيدًا عن مزالق الظلام الذي عانت منه دول أخرى فتحت المجال على مصراعيه في هذا الجانب دون أن يكون هناك رقيب أو حسيب.
إنّ العمل بدون رقيب ولا حسيب يجعل فرقاً تطوعية وخيرية تظهر يوميًا وبكثرة في الولايات كما تظهر الحشائش بعد نزول الأمطار، البعض منها يستمر ويقاوم ويطالب بالاعتراف به من قبل وزارة التنمية الاجتماعية والجهات المختصة الأخرى بعد أن يقدم أعمالاً تليق بعمل الخير والتطوع في السلطنة، والبعض منها تختفي بعد فترة وجيزة ولا نرى من ملامحها إلا اليباس الذي نراه في الحشائش بعد أن تحرقها الشمس والبعض الآخر يتقدم خطوات ويتراجع مثلها نتيجة عدم وجود الدعم المالي المناسب وعدم تحقيق الأهداف المرجوة والبعض منها لا يزال صامداً بخجل.
وهذه المواقف كلها تجعلنا نتساءل إذا كانت هذه الفرق الخيرية والتطوعية قصدت وجه الله والإخلاص في تقديم الخير لأبناء هذا المجتمع، لماذا لا نرى اتحادا عاما يجمع هذه الفرق؟ ولماذا لا تتجمع الفرق الموجودة في ولاية واحد في فريق واحد سواء كان خيرياً أو تطوعياً ذا طابع عملي أو ذا طابع مالي؟ ولماذا نجد هناك تنافساً بينها؟ ولماذا هذا التنافس في بعض الأحيان لا يكون شريفاً وإنما لتعصبات قبلية أو فئوية أو ثقافية أو فكرية؟ وغيرها من الأسئلة المشروعة والمطروحة من قبل المجتمع والمتابعين للعمل التطوعي والخيري في السلطنة.
إنّ الاحتفال باليوم العماني للتطوع فرصة مواتية لطرح فكرة اتحاد عام لعمل الفرق الخيرية والتطوعية يتفرع من هذه الاتحاد العام فرق خيرية وتطوعية متوحدة في كل ولاية فالاتحاد دائماً قوة والفرقة تشتت وضياع للجهود، أؤكد لجميع الإخوة والأخوات في هذه الجمعيات والفرق أنه في حال حدوث ذلك سيكون هناك توافق حكومي ومجتمعي على عملهم وستكون الرؤية واضحة والأهداف ستتحقق بسهولة وسينتشر العمل الخيري والتطوعي أكثر وأكثر مما هو حاصل الآن من تشتت وفرقة وتنافس غير شريف.
واعلموا أن المجتمعات لا ترقى ولا تتطور إلا بالعمل التطوعي والخيري خاصة وأننا أمة مسلمة أمرنا الإسلام بهذا وحثنا على التكافل والتعاون والتآزر والإحساس باليتيم والفقير والمسكين والوقوف مع المحتاج وكبار السن والأطفال وحثنا على عمارة الأرض وبنائها لكن لابد أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله سبحانه بعيدًا عن الرياء والسمعة والأهداف الخفية والخطط المسمومة فالنور أبلج وضوء الشمس لا يحتاج إلى دليل، فتوحدوا على كلمة سواء وانفعوا بمالكم وعملكم أمتكم ومجتمعكم ووطنكم فيد الله مع الجماعة ولا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية، ودمتم ودامت عمان بخير.