للنساء فقط..

 

زينب بنت محمد الغريبية

 

تلتقي النساء في حوارات ضمن حلقات عمل أو ملتقيات أو صالونات حوارية، أحيانًا تكون جلسات نسائية مغلقة، وأحياناً يُشارك فيها الرجال محاورين داعمين بذلك للمرأة. ورغم كل تلك النقاشات والحوارات إلا أن النساء لم يتفقن إلى الآن على ما يردنه على وجه الدقة.

ينادين تارة بأن جميع حقوقهن قد أخذنها في البلاد، وأنّ الرجال داعمون لهن على كافة الأصعدة، وتارة أخرى يقلن بأنهن لم يصلن للمجالس البرلمانية بسبب المُجتمع الذكوري، ونظرته في أن تصل النساء إلى مراكز تمثيل لهم. وأحياناً أخرى تتهتم المرأة باقي النساء بأنهن غير داعمات للمرأة بعدم ترشيحها أو الوقوف بجانبها من أجل الوصول للمجالس البرلمانية؛ بحُجة أنهن لا يعرفن خلفيتها ولا يعلمن ما ستقدم للمجتمع وللنساء، ويحتد النقاش حول دور جمعيات المرأة العمانية، وأسلوب عملها، وقياداتها.

يكثر الخلط في تلك الحوارات، هل أخذت المرأة حقوقها كاملة؟ هل ما زالت لها حقوق يجب أن تؤخذ؟ هل المرأة العمانية راضية عن وضعها؟ هل تطمح المرأة لمزيد من الحقوق؟ هل تواجه تحديات في سعيها من المجتمع؟ أين تقف المرأة من كل هذا؟

في الواقع حظيت المرأة العمانية بفرص وفيرة لو أحسنت النساء استخدامها على الوجه الصحيح لوصلت المرأة لما تُريد، وحققت كل ما تصبو إليه، فرصة التعليم هي الفرصة الأثمن والأكثر أهمية؛ فهي أساس ما يُبنى عليه لاحقاً من فرص، فالتعليم منح المرأة القوة، قوة الثقافة وقوة الاقتصاد، وقوة الشأن المجتمعي، المرأة المُتعلمة تحصل على الوظيفة التي تمنحها الاستقلال الاقتصادي، والمرأة المتعلمة وخاصة من أكملت مسيرتها الثقافية في مجالاتها المختلفة، تهيأ لها الوضع الثقافي إلى جانب الرجل دون تمييز بينها وبينه، وهذه الأرضية هيأت للمرأة مكانة مجتمعية متصاعدة.

تتمتع المرأة العمانية بفرص المشاركة الاقتصادية، في جميع المجالات حيث رغبت، في القطاعين الحكومي والخاص بفرص مساوية للرجل، لا يمنع عنها مجال، ففي القطاع الحكومي تعمل المديرة والمنسقة والعسكرية وشرطية المرور والمظلية والوزيرة والطبيبة والمهندسة والسائقة وغيرها من الوظائف، أما القطاع الخاص فحدِّث ولا حرج، فالباب مفتوح على مصراعيه، أيًا ولت وجهها تجد ما تُريد، تعمل فيما يحلو لها حتى من بيتها دون الحاجة لأن تخرج.

أضف إلى ذلك حصول المرأة العمانية على فرصة المشاركة البرلمانية بكل حرية، تتقدم مثلها مثل الرجل، دون تحديد عدد مُعين من المقاعد لها، بل ترك لها باب المنافسة إلى جانب الرجل، وتبقى المتغيرات المحيطة، والتحديات المضادة هي الفيصل في هذا الموضوع، والذي يسري على وضع الرجل مثل المرأة أيضًا.

إذن هل المرأة بذلك حصلت على كل ما تُريد؟ وكل ما تطمح له؟ لو استغلت كل تلك الفرص بشكل صحيح أقول لها: نعم، ماذا ينقص المرأة العمانية؟ ينقصها المجتمع النسائي المُتماسك، المجتمع النسائي الذي يحظى بقيادات تهتم بوضع النساء، والسعي لتطويره وإتمام صورته لتصل إلى شكلها النهائي، عندما تحرم فتيات من فرص متساوية للتعليم العالي أسوة بمن يقابلهن في التحصيل الدراسي في الدبلوم العام من الذكور، وعندما تترك النساء في حيرة بين أداء دورها الوظيفي الوطني وبين طفلها الذي يعتبر مسؤوليتها وأمانة تسأل عنها يوم القيامة، وعندما لا تصل المرأة للمجالس البرلمانية إلا فيما ندر وبتمثيل امرأة واحدة فقط في أفضل الأحوال، وعندما تتربع قيادات نسائية ثابتة على رئاسة جمعيات ولجان معينة، وحين تتخرج فتيات من الكليات والجامعات، ويقبعن في المنازل بلا تفريغ لما يحملن من طاقات شبابية بناءة، من المسؤول عن كل هذا؟.

تتحمل النساء كل هذا الذي يحدث، بضعف المجتمع النسائي وتشتته، لم لا يتكون مُجتمع نسائي محب ومُتماسك، يسعى من أجل المصلحة العامة لا الخاصة، يسعى من أجل المُتابعة للقضايا المشتركة، يختار النساء الأقدر على القيادة، والحصول على المصالح المشتركة العامة، المتحدث باسم المجتمع النسائي بإخلاص ووفاء، فالحل يكمن هنا، نتكتل ونوحد الصفوف، وندفع بالأفضل دون أن يرشحن أنفسهن، ونحصل عن طريقهن على كل ما نُريد.

هنا سنقول إننا وصلنا، واستكملنا مسيرتنا، وتمكنا من استغلال الفرص التي مُنحت لنا، حينها سيوجد صوت منّا ولأجلنا، وصل عن طريقنا، وباستطاعتنا تغييره لو لم يُحقق مبتغانا، لا الوقوف وانتظار دعم من خارج صفوفنا، وإلقاء اللوم على الظروف من حولنا، وإتهام من وصلن بعدم الفعالية، فكل ذلك بأيدينا، ومفاتيحه في حوزتنا، والتغيير يبقى بذلك خيارا لنا فلنختار ولنعمل دون الحاجة إلى أحاديث جانبية، وثرثرات اتهامية، وتعليق فشلنا على شماعات الظروف المجتمعية المحيطة بنا.