الترويج والغش التجاري

 

طالب المقبالي

تُطالعنا بين حين وآخر بعض الشركات الكبرى وبعض المراكز التجارية والمولات والهايبرماركات بعروضها التجارية والتخفيضات التي تعرضها تلك الشركات على كثيرٍ من المُنتجات لا سيما الأجهزة الإلكترونية كأجهزة التكييف بأنواعها والغسالات وشاشات التلفاز وأفران الطبخ وأجهزة الحاسب الآلي ومُشتقاتها وأجهزة الهواتف الذكية والأدوات المنزلية، خاصة تلك الأدوات التي تستهوي المرأة وتدغدغ مشاعرها كونها الأكثر تأثراً وركضاً وراء الإغراءات والعروض البرَّاقة.

فما هذه العروض في غالب الأمر إلا ذكاء وحيلة تجارية لإرغامك على شراء ما لست بحاجة إليه لتنفق مُدخراتك في أشياء ليست ضرورية وليست مُلحة، فإن استطعت أن تُقاوم الإغراءات قد تجد في أسرتك من استهواه العرض وأجبرك على الشراء، فلا تكن ساذجاً لتنساق وراء إغراءات هذه الشركات، فهي في جميع الأحوال الرابح الأوَّل.

وغالباً ما تكون عروض هذه الشركات في البضائع القديمة والمُكدسة لديها في المخازن وذلك لعلمها بقدوم مُنتجات حديثة أفضل من المنتجات المخزنة لديها خشية كسادها بعد وصول منتجات حديثة.

والحذر كل الحذر من العروض على المواد الغذائية والتي تعرض قبل فترة وجيزة من انتهاء صلاحياتها، أو ربما انتهت صلاحياتها بالفعل وزورت تواريخ الصلاحية ولنا في ذلك تجارب على الواقع.

ونحن نعلم بأنَّ هيئة حماية المستهلك وبلدية مسقط ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه قائمة بدورها في متابعة هذه القضايا، ونحن على يقين بأنّ هذه الجهات لا تعلم الغيب ولا تدري بما يدور خلف كواليس هذه الشركات رغم المُتابعة المُستمرة والزيارات المُفاجئة التي تقوم بها بين حين وآخر لمحلات بيع المواد الغذائية والمطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى البلاغات التي تتلقاها من المواطن والمُقيم في حال وجود مخالفة، إلا أنّه في الأخير يبقى ضمير التاجر هو الفيصل إن وجد، في الوقت نفسه فإنّ الوافد هدفه الربح السريع ولا تهمه مصلحة المواطن، ودليل على ذلك تلك المُنتجات الزراعية التي تنتجها المزارع التي يُديرها المزارع الوافد عديم الخبرة في الأعمال الزراعية، حيث يكيل المبيدات الضارة بصحة الإنسان بعيداً عن المراقبة وبعيداً عن المواصفات القانونية المسموح بها.

ولعل نتائج هذا ما تطالعنا به وسائل الإعلام بإعلان وتقارير وزارة الصحة في بلادنا بارتفاع نسبة المصابين بأمراض السرطان وبأرقام مخيفة، كيف لا ونحن لا نبالي حيث نلهث وراء تاجر متجول يبيع الخضار على قارعة الطريق فنشتريه بأرخص الأثمان ونحمد الله على نعمة رخص الأسعار عن الأسواق الرسمية، ونحن نغفل أننا نشتري هلاكنا بأموالنا.

ومن الغش التجاري ما يدور في بعض أسواقنا المحلية لبيع الأسماك، حيث يقوم بعض الباعة ولا أعمم باستيراد الأسماك المُجمدة من شركات الأسماك الكبرى ويتم إذابتها لتعرض في الأسواق على أنها أسماك طازجة، وفي حال عدم نفاذ الكمية المعروضة يُعاد تجميدها مرات ومرات مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وحسب الخبراء البيطريين "تعتبر الأسماك واللحوم بيئة مناسبة لنمو البكتيريا والفطريات، وبالتالي يمكن أن تسبب التسمم.

وليس بعيداً عن موضوع الأسماك، قبل فترة حدثني أحد العمال الوافدين التقيته بالصدفة عند أحد الباعة عن كيفية التعامل مع هذه المزروعات ونصحني بعدم الشراء لأنَّ هذه المُنتجات ضارة بالصحة وجميع الوافدين لا يشترونها لعلمهم بكيفية زراعتها وصب المبيدات السامة عليها لقتل الحشرات، كذلك إضافة مواد كيميائية لتسريع الإنبات والإنتاج.

كما أنّه حذرني من شراء الدواجن من المزارع التي تُديرها العمالة الوافدة لأنهم يضيفون إلى طعام الدواجن مواد تجعل الدواجن تكبر سريعًا، ومنهم من يقوم بحقن الدواجن بمواد تسرع من زيادة حجمها، فكل هذه الأمور تتم بعيداً عن أنظار الجهات المعنية.

هذا غيض من فيض فالعامل الوافد يقوم بعمل أشياء لا يتخيلها الإنسان من الغش والسرقة وراء كسب الأموال سريعًا.

ويعتبر مجال المقاولات وبناء المنازل بيئة خصبة للغش والسرقة، فهناك من يسرق الأسمنت ويبيعه ومن يسرق الأدوات الكهربائية والأدوات الصحية.

فقد حدثني مواطن قام بتشييد منزل وقد طلب منه الكهربائي أسلاكاً تكفي لمنزلين وأكثر تقدر بآلاف الريالات واتضح بأنّ الكهربائي يقوم بالعمل في منزل آخر وكان الاتفاق بأن عليه الأدوات الكهربائية، وبهذه الطريقة تتم السرقة، ولعلي شخصياً مررت بنفس التجربة لكن خسائري كانت محدودة ولم أجد الدليل لمقاضاة الكهربائي الذي غادر البلاد فاضطررت للاتفاق مع كهربائي آخر.