طريق الشوك إلى عالم ريادة الأعمال

 

 

 

زينب الغريبيَّة

تُقام المسابقات وتُعلن الجوائز للإبداعات الشبابية؛ فيُكرَّم المبدعون، ويُنشر خبر تتويجهم بالجوائز، فيكون صاحب الإبداع -أكان مخترعا أم كاتبا أم شاعرا أو غير ذلك- فخرا لبلده، ويُشاد بأن البلاد ولادة، وأننا لسنا بالأقل من الغرب في وجود الفكر والإبداع، وفي القدرة على الاختراع والعمل والإبداع في كافة المجالات.

ولكن ما إن تنتهي فرقعة الإنجاز في الإعلام، ينقطع معها ذكر ذلك الإنجاز، بل والشخص الذي أنجز، إلا قلة قليلة، والعذر أن الدعم غير متوفر، وأن الإمكانات المتاحة لا تشجع على الاستمرار، أما القلة التي تحدت تلك العراقيل من إمكانات ودعم، وواصلت نحو هدفها، وتقديم ما يجعل من اسم البلد في رفعة مستمرة، ما مصيرها؟

يبدأ المشوار في التحدي، وتحطيم الصعوبات، عالم ريادة الأعمال طريقه ليس مفروشا بالورود، ولكن من يُحب عمله يسعى لتحقيقه أيا كان، ويتحمل المُر بلذة وسعادة، ولا يشعر به، فالمشقة فيما تحب، لها طعمٌ آخر لا يشعر بلذته إلا من عاش جو تحقيق حلمه.

المربك في الموضوع، والغريب الذي قد يعيشه من توج وفاز بجائزة، وأحب أن يواصل، أن جزءًا من التحدي يواجهه من المؤسسات التي قامت بتكريمه ودعمه عندما كان صغيرا، عندما كان في مسابقات من المبدع؟ ومن المبتكر؟! الشيء الذي لا يعرفه ذاك المبتدئ أنه كان ورقة دعائية لتلك المؤسسات، وجزءا من خطة تلميعها وفق قالب المسؤولية الاجتماعية.

المؤسسات الكبيرة لا يضرها أن تُكرم شخصاً يكون نكرة، ويبقى كذلك، فهو ورقة عابرة، وتبقى الهيمنة لها، أما أن تكبر هذه الموهبة، وتحاول المنافسة في تواضع وبإمكانات بسيطة، فلا يُسمح لها، لمَ لا تتزاحم الخدمات؟ لمَ لا يُترك السوق لمن رغب بالعرض؟ وكل برزقه.. إلا أن قانون الاحتكار يحكم السوق سيما في اختصاصات معينة.

تصعب الأمور وتتعقد، في المعاملات، أرصدة معينة مطلوبة، إجراءات مطولة في جهات عدة، تأخذ شهورا، وبعد عبور هذه المعمعة، يظهر تحدي من يعرقل سير العمل، ومن يتجاهله، ولكن تحدِّي البقاء هو من أصعب التحديات التي تواجه البشرية منذ الأزل، البقاء والاستمرارية، ولابد من الاستمرارية المصحوبة بالتطوير والنمو المهني، لتزهر في آخرها.

إلا أنه من أحب الركون إلى الراحة أو الانسحاب، فلا يزج بنفسه في عالم الأعمال الذي يحتاج إلى كثير من القوة واللياقة، يحتاج إلى كثير من التحمل لانزلاقات الفشل، الذي يعقبه درس لما يأتي لاحقا، نحو النجاح، وأن تلك الهفوات والدروس تُكون معنى الخبرة الذي لن يستطيع الشخص الحصول عليها من خلال الكتب ولا الدورات التدريبية مهما حاول تقريب الواقع.

المجتمعات التي تشجع مبدعيها، وتفتح لهم السبل نحو النماء، بالدعم والتسهيلات، هي المجتمعات التي تصل إلى الاكتفاء بما عندها، والتطور في داخلها، ومواكبة العالم من حولها، وهذا هو مرادف التنويع في مصادر الدخل، بل هذا على رأس هذه الخطط؛ فالقدرات البشرية هي الأساس المحرك، حتى ولو وجدت الآلة، والمادة ولم توجد قوة بشرية تحمل المهارة، وتخطط جيدا وتدير الأمور، حينها تُستغل المادة وتعمل الآلة.

لا تقفي أيها العقول، ولا تيأسي من صعوبة الأمور، فعُماننا تستحق من يعمل من أجلها، تستحق أن نكمل المشوار، ولنعلم أن بداية تلك المؤسسات الكبيرة كانت صعبة، وأنها واجهت كل تلك العراقيل، وواجهت تيار الاحتكار، وأخطأت وتعثرت، لكنها نهضت وواصلت وتعلمت.. فوصلت.