وطني العزيز.. شكرا

مسعود الحمداني

شكرا لك يا وطني؛ لأنك عالم لا تهزك ريح، ولا تثنيك الخطوب، سائر نحو علاك، لا تلتفت للحاقدين، ولا المغرضين، ولا صراخ الزاعقين، تبني وتمضي، وتسمو ولا تهبط إلى مهابط الأرذلين، كأنك طود عظيم، لا يهتز، ولا يتزعزع.

شكرا.. لأنك ثابت المبادئ، راسخ القيم، عظيم العطاء، مشرق كشمس الضحى، ومنير كقمر العاشقين، تمنح الآخرين الأمل، وتهب للأرض السلام، شامخ كنخيلك، وسامق كنجمة في أعالي السماء، تنظر من عليائك إلى العالم لتهديه السبيل نحو التسامح، وقيم الحياة، وتعلمه الحب، والثبات.

شكرا لك يا وطني؛ لأنني أرى فيك جنة السلام، وموطن السمو، فحين أمد نظري أرى نار الحقد والتعصب والكراهية تأكل الأخضر واليابس من حولي، وأنت وحدك من يهبني الأمان، ويمنحني الثقة بأن ما يبنيه الحق لا تهدمه يد الباطل.

شكرا لك يا وطني.. أقولها كل يوم، حين أرفع يدي إلى الله الذي منحني إياك، وجعلني ذرة من ترابك، وألهمني الحمد على نعمة الوطن، والقائد، ووهبني الخلود حين يفنى الوجود، فالرحلة نحو البقاء لا تأتي دون تضحيات، والشعب الذي حلم بالمجد، سيظل ممسكا بالحلم، ولن تفنى الأرواح التي ضحت لكي يبقى الوطن حيا.

شكرا لك يا وطني؛ لأنَّ المناسبات لا تصنعك، فأنت من تمنح المناسبات روحها، وجمالها، وأنت الذي تسير وخلفك آلاف السنوات الضوئية من التاريخ، والحضارة، والانتصارات، تلك التي ستخلدها يد الزمن، وسيعض عليها بالنواجذ أبناؤك الأوفياء، الذين سيمضون كسهمٍ لا يحيد عن هدفه ليصيب هدفه البعيد، رغم كل المحبطات، وكل العراقيل، ولكنه سيتغلب عليها لأنه آمن بأن الوطن باقٍ لا ينكسر، ولا يفنى.

شكرا لك يا وطني؛ لأن من بين أضلاعك خرج سلطانٌ أعطى بسعادةٍ كل لحظات حياته لأجلك، وركب الصعاب واجتاز المعضلات وحملك كقلب نابض بالحب والحياة.. ها هو اليوم عظيم كعادته، لم يفتر عزمه، ولم يخفت نوره، يمسك بالآمال العظام، ويرسِّخ لعقيدة السلام والتسامح التي لم يفققها الآخرون، ويرفع راية الحب، وبياض النفس، وعلو الهمة.

وطني العزيز، ها أنت شامخ وعظيم، تولَد كل يوم آلاف المرات، وتلد الحياة من جديد، وتعيش أزهى أيامك، وأبهى عطاءاتك، سفينة شعبها واحد، وقائدها واحد، ومصيرها واحد.. فسيروا بها بسلام.

سلاماً عليك يا وطني، سلاما عليك في يوم ميلادك، سلاما كثيرا لا يُخالطه سوى دمعة فرح تتنزَّل عليك من سماء الرحمة؛ فكُن كما أنت عاليا ممجدا، بالنفوسِ يُفتدى، ومرة تلو مرة نقول بقلب رجل واحد: "شكرا لله.. شكرا لك يا وطني".