المُنتخب الأرجنتيني: سلسلة أزمات بدون حلول!

 

حسين الغافري

 

 

يبدو أنّ سلسلة النتائج السلبية لازالت تُطارد المُنتخب الأرجنتيني، وشمسه المشرقة بزمن جيل الأسطورة مارادونا لم تسّطع مُنذ عقود فمن حمل القميص الأبيض والأزرق، ويمكن تسميته في الوقت الراهن بأنه فاقد لهوية الأداء المُنضبِط. وعلامات الاستفهام تتعاظم يوماً بعد يوم حول مربط الفرس الذي يُعيق التانجو من أن يكون فريقاً مُتماسكاً "مُجيداً" رُغم ما يحويه من أسماء تُصنّف بأنّها من الدرجة الممتازة، وتُقدّم عروضاً مُذهلة في أقوى الأندية الأوروبية. المُتابع لحال الأرجنتين يعلم بأن هذا المُنتخب مرّت عليه أسماء مُميزة طوال تاريخه.

وباستثناء إنجازات المُنتخب نهايات السبعينيات والثمانينيات والتتويج بكأسي العالم فالحال أصبح بطابع واحد، واتجاه التتويج عاند الأجيال المُتعاقبة خصوصاً بعد مونديال 94 وصولاً بالجيل الحالي لزملاء النجم ميسي. الجيل الأرجنتيني الحالي بقيادة نجم برشلونة الأول امتداد -كما ذكرنا- لأسماء سابقة قدّمت تاريخا وإنجازات شخصية هائلة، وهي اليوم بثُقل فردي كبير على صعيد الأندية قد يتفوق على النجوم السابقين في المُنتخب. وشاهدنا منذ مدة بسيطة أن الأرجنتين وصلت خلال المونديال الأخير إلى نهائي كأس العالم لتخسر أمام الألمان في الأشواط الإضافية، كما خسرت نهائي الكوبا الأمريكية مرتين أمام تشيلي وهو ما يشير إلى أن المُنتخب قادر على ملامسة الذهب إذا ما اكتملت أركان النجاح وتوحّدت المجموعة من أجل الهدف المُشّترك، ويمكن تفسير الغياب الأرجنتيني عن تحقيق الإنجازات وغياب الهوية إلى مُسببات رئيسية عديدة؛ ولربما هُناك أمور خفيّة بين اللاعبين أنفسهم، أو بينهم والجهاز الفني والإداري ولكن يمكن تعليل الأسباب الظاهرة إلى جزءين هما:

▪️▪️ يبرز الاستقرار الفني وبيئة التجانس من الضرورات المُلحة مهما كانت جودة الأسماء التي يملكها المُدرب. ولعلّ المُنتخب الأرجنتيني ولاعبيه تحديداً يواجهون صعوبة واضحة في هذه المسألة. الحديث عن الاستقرار فنياً مرتبط كُلياً في الاختيار الصائب للمدرب الذي ينبغي بدرجة أولى يلقى إجماع الأغلبية من اللاعبين الرئيسيين خصوصاً، وليس اجتهادا فرديا من الطاقم الإداري فحسب، فالأمر ضروري في الوصول إلى توافق من أجل وجود البيئة الصحية للنجاح. هُناك أسماء تُقدّم نفسها بقوة في الساحة الأرجنتينية والأوروبية وأثبتت جدارتها بأن تُمنح فرصة قيادة الأرجنتين ومن الضروري كسّبهم والاستعانة بهم وفي مُقدمتهم مدرب أتلتيكو مدريد الإسباني ونجم المُنتخب سابقاً دييجو سيميوني، وبوكاتينهو مدرب توتنهام الإنكليزي، ومارسيلو بيلسا، ومدرب أشبيلية الإسباني سامباولي الذي انتظر اتصالاً من المُنتخب بعد فك ارتباطه بالمنتخب التشيلي إلا أنّ أمراً من ذلك لم يحدث؛ ليتعاقد معه النادي الأندلسي ويحقق معهم حتى الآن نتائج مُبهرة قد لا يدوم تواجده مع الأندلسيين أكثر من عام حتى تتصارع عليه أندية الصفوة بالعالم. المُدرب الحالي ليس مُلاما في الإخفاق ولا أُلقي عليه لوم الإخفاق -إن حدث ولم تصعد الأرجنتين لنهائيات روسيا- فهو جزء.

 

▪️▪️ أيضاً اتكالية نجوم الأرجنتين وتحميلهم الفوز والخسارة إلى ميسي خطأ جوهري لا خلاف عليه، ما يمكن قوله في هذا الجانب أنّ ميسي جزء من الفريق وعطاء اللاعبين يجب أن يكون بنفس المستوى. نُشاهد ميسي إسبوعياً في برشلونة ومع إنّه يُقدّم كل ما لديه إلا أنه بالمقابل يتمتع بلاعبين فاعلين منسجمين كمجموعة وأداء الفريق ككتلة واحدة متناسقة؛ الأمر ذاته مفقود في المنتخب الأرجنتيني حتى الآن الذي لا يُقدم شكل أداء واضح يمكن تمييزه وتميّزه به ولا يتمتع حتى بأداء لاعبين كمثل قتاليتهم مع أنديتهم، ومن وجهة نظري المتواضعة أنّ هذا المُنتخب يفتقد لروح الجماعة وأداء الجماعة الواحدة، وثقل الجهاز الفني يجب أن يتركز في هذا الجانب وإحياء الأجساد التي يمنحها الثقة على الميدان عندها سينشط الجسد وينهض؛ عدا ذلك فالقصة تتوالى على ذات الشكل!.