قرارات وزارية

 

 

فايزة سويلم الكلبانية

استقبل سوق العمل العُماني في الفترة الأخيرة عددًا من القرارات الوزارية، وأغلب هذه القرارات وما صاحبها من تعديلات تعنى بالقطاع الخاص بمُختلف فئاته الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، حيث ثار سخط أصحاب الأعمال بهذا القطاع، فور تلقيهم لقرار وزارة القوى العاملة والذي ينص على "تعديل الرسوم المستحقـة على إصدار تراخيـص استقدام ومزاولة العمل للعمال غير العمانيين، وتجديدها لمدة عامين حيث نص القرار على أن يكون رسـم الترخيص باستقدام ومزاولة العمل وتسجيل بيانات العامل في الأعمال التجارية 301 ريال" وغير ذلك مما صاحب هذا القرار الوزاري من تفاصيل وتعديلات.

***

 

من هنا فإنّ القرار يجب أن يُنظر له من منظورين أولهما منظور الحكومة والتي تُريد من وراء هذا القرار القضاء على مشاكل العمالة السائبة وما تُخلفه من مؤثرات سلبية في السوق والحياة العمانية وعلى رأسها ظاهرة "التجارة المستترة" والتي سببها بعض أصحاب النفوس الضعيفة من العمانيين الذين يطمحون لمزيد من الأرباح والأموال غير مُبالين بما تُسببه هذه العمالة من دمار وسلبيات وأمراض في مجتمعنا، إلى جانب أن هذا القرار يُعد إحدى آليات ترشيد الإنفاق وتخفيف العبء عن ميزانية السلطنة ومشاركة القطاع الخاص في هذا الترشيد وهو ما لن يوافق عليه البعض من العاملين بالقطاع الخاص حتى ولو تمت مشاروتهم سلفًا فيه، فلن يزيد الأمر إلا تعقيداً وصعوبة، وفي المقابل يرى البعض بأنّ الحكومة تسعى من هذا خلف هذا القرار إلى تعويض خسائرها ومصروفاتها والنهوض بالميزانية من جيب المواطن سواء كان موظفاً عادياً أو رب عمل، بطرق غير مباشرة كالمعتاد مثلما هو جار مع تحديد تسعيرات الوقود الشهرية والتي ترتفع شهرًا بعد الآخر وغيرها من التسعيرات في قطاع المياه والكهرباء، وستتبعها "ضرائب الدخل والقيمة المضافة" وغير ذلك في الانتظار.

 

***

 

بالرغم من أنّ العامل الوافد هو " أخ، وزميل، وقائد" وله احترامه كونه يعمل ويرتقي بمؤسسة عُمانية ويُشارك في بناء اقتصادنا، ولكن يبقى "التعمين" مطلباً لابد منه، فأبناء البلد اليوم يجب أن تكون لهم الأولوية في فرص التوظيف والعمل، ومما لاشك فيه أنّ الشباب العمانيين الباحثين عن عمل يستبشرون خيرًا بهذا القرار، كونه ستكون له آثار إيجابية في إمكانية أن يعطي أرباب العمل في القطاع الخاص الثقة لأبناء الوطن وإتاحة فرص التوظيف لهم، ويعملون على تقليل توظيفهم للعمالة الوافدة وإحلالها بشباب عمانيين لتخفيف عبء مصروفاتهم التي ينفقونها على العامل الوافد، لكون العُماني لا يطالبهم بتجديد إقامة، أو تكاليف تذاكر السفر والبعض من الشركات لا توفر تأميناً صحياً إلا للوافد، وغير ذلك من مصروفات.

 

***

 

وإذا أخذنا القرار من منظور أصحاب الأعمال بالقطاع الخاص بمختلف فئاته الثلاثة، والذين يرون أنّهم سيتأثرون سلباً بتطبيق هذا القرار بالرغم من العوائد والأرباح التي جناها البعض خاصة (أصحاب الشركات الكبرى وما يسمى بشركات الامتياز، ومن يتمتعون بالدعم الحكومي) فقد آن الأوان لمساهمتهم وإعادة جزء من جميل هذا الوطن عليهم "يوم لك، ويوم عليك".

 

***

 

اليوم أجدني أقف موقف "التحيز" للفئة العاملة بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ممن يصارعون من أجل الصمود وتحقيق عوائد في ظل تعقيدات الظروف والإجراءات، ومنافسة الشركات الكبيرة لهم بفرص وعقود العمل، حيث اجتمع عدد من الممثلين لهذه الفئة في "بيت الريم" لتدارس القرار ورفع رسائل رسمية للجهات المعنية لعل وعسى يجدون استثناءً ومخرجاً من صدمة مثل هذه القرارات الحكومية، والتي سيكون عبئها عليهم فوق طاقتهم وهم ما زالوا يصارعون من أجل البقاء والاستمرارية، وبحاجة لمن يأخذ بأيدي الجادين منهم لا إغراقهم، فلابد من استثناء لهم، وإلا سيُجبر البعض من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة على إغلاق مؤسساتهم وتشميعها كونهم غير قادرين على التكاليف والمصروفات التي تفرضها عليهم مثل هذه القرارات الحكومية إلى جانب ما يواكبها من تحديات أخرى لا تنتهي من تراخيص ومأذونيات وتمويل وعمالة ورواتب شهرية..إلخ، وهذا سيرهق كاهل قطاع ريادة الأعمال، ويناقض ما بدأت جهات أخرى معنية ببنائه منذ ندوة سيح الشامخات حتى اليوم للنهوض بهذا القطاع الواعد.

 

***

 

والحق يقال إنّ القطاع الخاص استقبل هذه القرارات بالامتعاض، وعدم الرضا، لكونها قرارات مفاجئة بالنسبة للبعض وجعلتهم في الأمر الواقع وكأنه ليس بأيديهم سوى "التنفيذ" دون أن يؤخذ بآرائهم ومدى تأثرهم، بالإضافة إلى أنه لم يتم الجلوس مع الأطراف المعنية بهذا الشأن كــ (غرفة التجارة والصناعة) وذلك وفقاً لما جاء في تصريحات إعلامية لأحد المسؤولين بالغرفة وهي إحدى أهم الجهات المعنية بالقطاع الخاص، وما زاد من سخطهم تنويه غرفة التجارة والصناعة على حسابها بتويتر أمس الأول إلى أنّ الحكومة تجري حالياً دراسة لتطبيق التأمين الصحي على العاملين في القطاع الخاص من العمانيين والوافدين، حيث إنه من المحتمل أن يتم تطبيق النظام على مراحل، وستشمل المرحلة الأولى الدرجة الاستشارية والعالمية الممتازة وكذلك الشركات التي يكون فيها عدد العمال أكثر من 100 عامل، ومن المتوقع أن يتم تطبيق المرحلة الأولى في بداية عام 2018م، في حين ستشمل المرحلة الثانية الشركات التي تملك عدد عمال ما بين 50 إلى 100 عامل، كتحذير للقطاع الخاص والعاملين فيه لوضع التأمين الصحي بالحسبان مستقبلا.

 

 

 

Faiza@alroya.info