الحب وأشياء أخرى

 

 

مدرين المكتومية

أعتقد أنَّ تلك العلاقات الزوجية التي تُمنى بالفشل هي التي ارتبط طرفاها بعلاقة حُب سابقة، ورسما معًا أحلاماً وردية وعقدا عهودًا ومواثيق لا وجود لها من الأساس؛ فصدمهما الواقع بعد مرور مدة قصيرة من الزواج.. فمنهم من رحل عن الآخر بسبب المسؤوليات المُلقاة عليه والتي أثقلت كاهله، والآخر بسبب المبالغة فيما يقدمه أثناء العلاقة دون الالتفات لحياته بواقعية أكثر، وبعضهم رحل بسبب الجهل في التعامل مع الطرف الآخر، وفي كل الحالات لا يوجد فشل في كل مناحي الحياة دون أن تكون له جذوره.

هناك مسلسل بعنوان "الحب وأشياء أخرى" تقوم حبكته الأساسية على الحُب والفشل في الزواج.. وتظهر فيه دكتورة ثرية ارتبطت عاشت قصة حُب مليئة بالآمال والرومانسية مع مُدرس موسيقى فقير توجت بقرار الزَّواج؛ على الرغم من رفض عائلة الدكتورة، التي رضخت أمام إصرار ابنتها، وبعد الزواج يكتشف الحبيبان أنَّ الحب غير كافٍ للصمود أمام الفارق الطبقي بينهما، وبالتالي تبدأ حياتهما الدخول لحيز الصراعات، التي قد تدخلها أيّ علاقة أخرى ولا يكون مصيرها سوى أن تسبق البداية نهاية غير متوقعة، وذلك بسبب عدم وجود التوافق والانسجام، فالزواج شراكة تتطلب عوامل أخرى ومساعدة لضمان نجاحها على المدى البعيد.

ليس هذا فقط؛ فإذا نظرنا لأسباب أخرى لفشل العلاقة الزوجية سنجد أنَّ الزواج قد يفسد بسبب ضيق الحالة المادية؛ فبالرغم من أنّ المرأة عاطفية إلا أنّها كما قال الكاتب الأمريكي روبرت آيت في كتابه "الحيوان الأخلاقي" المرأة اكتسبت سمة الواقعية وطورتها مع الزمن حتى أصبحت جزءاً من تركيبتها، هذا ربما الجانب المضيء، ولكن الجانب المظلم أنّ شخصية البعض منهن في طبيعتها شخصية نفعية كما أنها شخصية عاطفية وهي كذلك، إلا إذا تعارض ذلك مع مصالحها. فحين تجد المرأة نفسها في وضع البؤس وفي المُقابل لديها صديقات وأخوات في وضع مادي مُتميز تبدأ بالتفكير في الهرب والتنصل بصورة غير مُباشرة حتى يكون الملام في النهاية الرجل وبالتالي ستخسر، وسيكون هو الطرف المذنب لأنه لم يفهم احتياجات المرأة الشريكة ولم يعطِ نفسه فرصة ليكون واقعياً لحد بعيد معها حتى تتجاوب معه وتتفهم ماهو عليه.

يقول أيضًا المثل "إذا دخل الفقر من الباب، هرب الحب من الشباك".. ومن بين المسائل التي تكون سبباً من أسباب فشل العلاقة هو البخل، فدائمًا ما يُقال إنّ المسألة بالنسبة للرجل مع المرأة هي مسألة كرم وليست مسألة غنى، لأنَّ الكريم قبل أن يكون كريماً بأمواله سيكون كريماً بمشاعره والعكس مع البخيل فمن بخل بماله سيبخل بمشاعره، لذلك دائمًا ما تكون الصفة الأساسية بالنسبة للمرأة هي أن يكون كريمًا قبل أن يكون غنياً.

فحين نوجه مثل هذا السؤال لأصحاب العلاقات الفاشلة: لماذا ينطفئ الحب، وأين يذهب بعد الزواج؟ سنجد الإجابة بسيطة، وهي تقف عند حدود إمكانيتنا في فهم الطرف الآخر، وقدرتنا في تقبله بكل تقلباته ومزاجياته، وفق بناء شراكة واقعية وحقيقية، لأن العلاقة التي تبنى وفق أسس غير واقعية وغير متوفرة تصطدم بواقع مغاير وتبدأ في الذهاب للمسار الذي يكتب نهايتها.

لا أقول إنّ الحب شيء والزواج شيء آخر ولا أدعو إلى عدم البحث عن الزواج عبر قصة حب، لكن ما أرمي إليه هو ألا يتحول الزواج إلى نهاية قصة حب جميلة، فإذا لم يكن مكملاً لها فعلى الأقل ليعمل الطرفان على أن يكون بداية لها.

 

madreen@alroya.info