أمَّة لا تمالق

مُحمَّد المسروري

عُمان بلد الآمنين المطمئنين، الكل منا يعلم أن رزقه سيأتيه أينما سار وحيثما كان، فلا خوف إذن من أي محن أو إحن. ثمة آخرون يتكبدون مشقة وعناء التفكير وتارة التبصير للآخر الذي يقف وراء غايات يرومون بلغوها وما هم ببالغيها.

إننا في عُمان نُدرك أن بلادنا ليست متسللة على قيم الإنسانية، بل هي أسُّ على رقم أمهات المدن وقراها، هي قيمة اجتماعية ومعنوية بذاتها، تبذل ولا تنتظر عائدًا، أمة علمت فنون الحضارة الإنسانية ممارسة لا قراءة، كما علمها البعض، لتصنع عُمان حاضرها بإرادتها لا بما يحاول الآخر إملاؤه من رؤى، مثلما صنعت ماضيها الذي تتزين به القرى والمدن العُمانية على طول هذه الأرض وعرضها.

لذا؛ فعُمان المتصالحة مع ذاتها تعلم يقينًا حجم ما تتوافر عليه من مقومات وهبها الله إياها، كما منح أبناءها الحكمة راسخة الجذور، ولا مجاراة أو مضاهاة لحكمة الله، فالله "يؤتي الحكمة من يشاء". صحيح أننا نعلمُ يقينا أننا لسنا من صنف الملائكة، لكننا نتسابق إلى ما يرضي ربنا في تصرفاتنا، لنا وجهة نظر محددة لا نحيد عنها علمها الكافة ولا يساوم عليها إلا مبتلٍ قلَّت بضاعته وفسد فكره وتراخت حيلته وعز عليه إلا المنابزة في سوق "البزازين".

نقول رأينا بقناعتنا وبما يناسب منهاجا ارتضيناه لحياتنا، ومصلحة وطننا وثوابت سياسة ارتضيناها لا تخضع للانفعالات والعواطف الآنية، نمضي وفق مسارات محددة معلومة لجميع المتعاملين، صادقين للصديق، مهتمين بما يهم الجار والرفيق همه منا الهم.

ولأننا بحكم إيماننا بالله عزَّ وجل وما أنزله من أحكام في حرمة قتل النفس، لأن من قتلها "فكأنما قتل الناس جميعا"، رفضنا وما زلنا نرفض بحرية قرارنا الانجرار وراء رغبات البعض الذهاب معه إلى هاوية الطائفية والمذهبية وإراقة دم الشقيق دينا وعرقا.

لذلك؛ نجد بعض الغربان تنعق في بعض زوايا الأرض البائسة، متلبسة ببراقع الوهم للتشكيك في مواقفنا النبيلة تجاه كل شقيق ومؤمن بحجج واهية وتلفيق مقالات وصور وأخبار لا يليق بنا الحديث عنها ترفُّعاً؛ علَّهم يجدون فيها ما يمكن أن يجرنا إلى هواهم وأوهامهم.

إننا ثابتون على منهاج ارتضيناه لحياتنا، وعلى الآخر أن يعي جيدا أن التزامنا بمنهاج الابتعاد عن صراعات تبنوها وارتضوها لأنفسهم لا يعني بحال أننا غير قادرين على مواجهة كل المخاطر حيثما كان مصدرها، فنحق قادرون بحقٍّ على مواجهة كل الاحتمالات، وحينها لن نستأجر رجالا أو نساءً للدفاع عن أرضنا؛ لأن لدينا ذخيرة كافية من الرجال القادرين والمهيَّئين للذود عن حياض وطننا الشريف، ونعلم ما لدى الآخر من صواريخ بالستية تفوق بملايين المرات ما نملكه، ولكنْ لدينا رجال ذوو همم عالية للتعامل معها بكل همة وحكمة ونشاط، ولا نتمنى أن يواجه أحد حظا عاثرا له.

نعم طال صمتنا عن مروجي الكذب والتلفيق، وأجد أنه آن الأوان لنقول "انتهى الصمت عنكم، ولدينا المزيد".