خلفان الطوقي
لا يُمكن لأيِّ مواطن مُتابع للأحداث اليومية أن يُنكر أنَّ هناك جهودًا حكومية في مجالات كثيرة تسعى الحكومة من خلالها لضمان ديمومة التنمية وتطوير مستوى الخدمات ومستوى الفرد والمُقيم على حدٍ سواء.
ولتقريب الصورة أستحضر قطاعاً حيوياً كمثال وهو قطاع السياحة، ولكن يتكرر المشهد في قطاعات أخرى كقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وقس على ذلك القطاعات الأخرى، ولكي لا أشتت ذهن القارئ والقارئة سأكتفي بذكر مثال واحد وهو السياحة.
يشترك في تسويق السلطنة بطريقة مُباشرة أو غير مباشرة عدة جهات كوزارة السياحة ووزارة التراث والثقافة وشركة عمران والشركة العمانية ﻹدارة المطارات والطيران العماني والشركة العمانية للمعارض ودار اﻷوبرا السلطانية وإثراء وشركة عُمان للإبحار وشركات الموانئ ومكاتب التمثيل التجاري المنتشرة في بعض الدول، بالإضافة إلى اللجان المؤقتة كلجنة جناح السلطنة المشارك في إكسبو وكل هذه الجهات تتبع الحكومة ولها موظفيها ومجالس إدارات وميزانيات مالية مستقلة، فإذا دققت في تفاصيل هذه الجهات ستجد أنَّ لها أهدافاً كثيرة مشتركة وفي أحيان تقوم بنفس اﻷعمال وتتضارب مصالحها ببعضها البعض.
ألم يحن الوقت ونحن نمر بمنعطف استثنائي بسبب إعلان حالة التقشف الحكومي والتذبذب اليومي لأسعار النفط أن نفكر مليًا في إيجاد أرضية مشتركة وإعادة هيكلة بعض الجهات وتقليص هذه المؤسسات أو ضمها لمرجعيات موحدة لكي لا تتشتت الجهود والرؤى وتتكرر وتتداخل وتتضارب المصالح وتزيد المصاريف الجارية وتترهل الأجهزة وتتكون جهات جديدة وعملاقة من الصعب التخلص منها في المستقبل.
العلة ليست باستحداث أجهزة حكومية جديدة، وإنما التعقيدات تكمن في إلغائها أو ضمها لجهات أخرى أو تقليصها أو تقليص صلاحياتها بسبب التبعات والآثار الذي يمكن أن تحدثها هذه القرارات من مقاومة وتداخل في الصلاحيات والمصالح.
أدعو الحكومة من خلال هذه اﻷسطر أن تتخيل معي الآثار الإيجابية لإعادة هيكلة وهندسة المؤسسات وتفادي استحداث كيانات وإمبرطوريات جديدة ترهق الحكومة مادياً وإداريًا، وتزيد من بيروقراطية اﻹجراءات وتزيد من تداخل وتشابك الصلاحيات وتعقيدها وتطويلها، فالواقع العصري يحتاج لحكومة دينامكية عصرية ومتواكبة مع المُتغيرات المتسارعة العالمية تلعب فيها الحكومة دور المشرع والمشرف فقط، وتؤول بقية اﻷدوار للقطاع الخاص في اقتصاد حر وصحي ليكون شريكًا حقيقياً كما أُريد له.