إضاءة

الحوادث.. حاصدة الأرواح البريئة

 

مسعود الحمداني

 (1)

الخميس الماضي فجعت ولاية صحم في أربعة من شبابها راحوا ضحية حادثٍ مروريّ مفجع، شباب في عمر الزهور كان المستقبل أمامهم جميلا، ومورقا، ومعشبا بالورود، قضوا نحبهم في غمضة عين، كانوا أمل أسرهم، وعيون أحبائهم، والغد المشرق الذي كانوا ينظرون من خلاله، هكذا ودون مقدمات جاء خبر نعيهم.. ماتوا دون أن يكملوا أحلامهم، وخططهم، وحياتهم.. ذهبوا إلى حيث الملائكة بانتظارهم.. رحلوا وتركوا خلفهم دمعة متحجرة في عيون أمهاتهم، وآبائهم، وأحبائهم، خطفهم الموت، وجرفهم وادي السرعة إلى مثواهم الأخير..

ما السبب؟..ومن المتسبب؟.. وكيف تضيع حيوات شبابنا في الطرقات بهذه البساطة، وبهذه السرعة التي لم نعد نسيطر عليها؟!!..

(2)

الشرطة وضعت ما تستطيعه من قوانين، وتعليمات، وأجهزة، ورغم ذلك لم تحد هذه الضوابط من ضبط سرعة الشباب، ولم تستطع إيقاف حمام الدم الذي يسيل ولا ينقطع، ويبقى الحل الصارم في يد السائقين، وليس في يد الشرطة، ويظل الحسم في مقود السائق، وذهنه، ويقظته، ووعيه، واستشعاره للمسؤولية الملقاة على عاتقه بأنّ هناك أسرة بانتظاره، عليه أن يحافظ عليها، وعلى فرحتها بقدومه، وألا يفجعها في نفسه حين غفلة.

(3)

كلما يخرج أبناؤنا إلى مدارسهم، أو أعمالهم، نشعر بالخوف والقلق عليهم إلى أن يعودوا، نتسمّر أحيانًا على أجهزة الهاتف ننتظر اتصالهم بأنّهم وصلوا المنزل بالسلامة، وكلما سمعنا صوت سيّارة الإسعاف، أو (النجدة) وضعنا أيدينا على قلوبنا، ودعونا الله أن يسلّم (المسلمين)، وتساءلنا بلهفة عن ضحايا الحادث خوفا من أن يكون أحد أحبائنا.. أصبح لدينا (وسواس) لا ينتهي، ونحن معذورون؛ لأنّ ما نسمعه أو نشاهده يحيلنا إلى هذا القلق القهري، فالطريق لم يعد آمنًا..

(4)

حين صدر قانون المرور الجديد ضج البعض من التشدد الذي صاحبه في تغليظ أو تشديد بعض العقوبات، والحقيقة أن الحفاظ على أرواح البشر أهم بكثير من مخالفات مرورية مهما بلغت قيمتها، فالقاعدة تقول ببساطة: (إن أردتَ الحفاظ على مالك.. التزم بالقانون)، ورغم ذلك ما زال البعض لا يستوعب هذه القوانين، ولا يطبقها، وكأنه بمعزل عن العالم، وما يدور فيه، وما تفعله السرعة أو عدم الانتباه للطريق ـ من خلال الانشغال بالهاتف أو غيره ـ من مصائب، وكأنه لم يقرأ أو يشاهد أو يسمع بالحوادث الشنيعة التي يروح ضحاياها الأبرياء.

(5)

أرى أن يضاف إلى خطوات استخراج رخصة القيادة اختبار عملي ونظري حول قانون المرور، وعقوباته، وأن يتم عمل اختبار آخر للمتقدم للحصول على الرخصة في كيفية التصرف الأمثل في الحالات الطارئة من خلال أسئلة الذكاء، وأن يتم إدخال عنصر (المحاكاة) البصرية في الاختبار.. لعلّ ذلك يكون مفيدا للإرشاد والتوعية المرورية، وأن يحد من سيل الدماء الذي يخضب شوارعنا كل يوم بسبب حادث مروري تروح ضحيته أرواح بريئة أغلق الموت عيونها إلى الأبد.

وقانا الله وإيّاكم شرور الطريق

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com