ثلاثية السلام والتعايش والتعاون

 

 

مدرين المكتوميَّة

ثلاثيَّة " أبناء السندباد" هي مشروع خرج عن المؤلوف، تضمن في طياته الإبداع في الطرح والسيطرة على التسلسل المريح والسهل، كان العُماني حاضرًا في كل تفاصيل العرض؛ فعلى الرغم من أنه يندرج ضمن سلسلة الأفلام الوثائقية، إلا أنَّه أخذ طابعَ الجذب والتشويق؛ فالمتابع للفيلم، سيرى كم هي جميلة عُمان، وكم أن أناسها طيبون للغاية ومتواضعون لأبعد الحدود، وأن التاريخ العماني- الموغل في القدم- يجسد أروع الملاحم الإنسانية.

فمن خلال الحلقة الأولى يُمكنني القول بأنَّ الباحث في التاريخ أو الطالب الذي يحتاج إلى أن يتعرف على بلده، يمكنه أن يتعرف عليها وبسهولة وحب واهتمام وتشويق من خلال العرض والمشاهدة، كانت عين المخرج تجوب كل الزوايا؛ لذلك كانت خياراته وانتقاء الزوايا والتقاط الصورة عميقًا جدًا، وهو ما أعطى الفيلم روعة أثناء المشاهدة، فيُخرجك من باطن البحار وتحت المياه إلى الجبال والحصون، والمزارع، يريك الرحلة الشاقة على الحمار والسفن لأجل إيصال رسالة الإنسان العماني التي لم تخرج عن إطار "السلام والاحترام والحب والتعايش مع مختلف الطوائف والأديان".

ترجم الفيلم في حلقته الأولى لهفة العماني لاكتشاف الآخر، والتعرف عليه عن قرب، وإيصال الأمن والاطمئنان للشعوب الأخرى، رحلته بدأت مبكرًا ومبكرًا جدًّا؛ لأجل أن يُسجل لنفسه تاريخًا وحضارة؛ لذلك ومنذ الماضي وحتى اليوم لا يزال للعماني هيبته بين مختلف الشعوب ومكانته المحترمة التي اكتسبها من تواصله الدائم واندماجه الملحوظ مع المجتمعات. الفيلم أيضا كان يوصل الرسالة بصورة مبسطة من خلال أنامل الفنانة العمانية شيماء المغيرية على الرمل التي كانتْ تشرح الأحداث بتلك الأنامل التي ساعدتْ في كسر الملل والرتابة التي قد تلتصق بالأفلام الوثائقية؛ فوجود تلك الأنامل يُقدِّم الفيلم للصغير والكبير، ليصل برسالته إلى مختلف الفئات العمرية. ليس هذا فقط، بل الشخصيات التي تضمنتها الحلقة الأولى كانت تتحدث بعفوية مطلقة على الرغم من صعوبة التاريخ، إلا أنَّ التقديم كان بسيطا ورائعا، وهو ما يجعل كل من حضر الحلقة الأولى في تشوق ولهفة لمتابعة الحلقات الأخرى التي يتوقع الجميع روعتها.

من وجهة نظر خاصة، أرى أنَّ الفيلم في حلقته الأولى استطاع أن يرسم عُمان بمفرداتها، وأن يوصل صورة مُبسطة عن التسامح في الشخصية العمانية، كما أنَّه كان مشوقا للغاية بكل ما حواه من صوت وصورة وشرح، والشخصيات المنتقاة، ما زلنا نترقَّب عرضَ الحلقات المتبقية التي يُمكن أن أطلق عليه "الانتظار الصعب"؛ فمثل هذا الفيلم لو عرضت حلقاته الثلاثة معًا لما شعرنا بالرتابة، والملل بل على العكس سنخرج ونحن مستمتعين بأنَّ لدينا عملا ضخما كهذا العمل والإنجاز الكبير.

إنَّ عُمان ستظل دائما واحة السلام والمحبة، وسيظل العُماني الشخصية الاستثنائية التي لا يزال الكثير يرغب باكتشافها، وسيظل التاريخ يروي قصص نجاح العُماني منذ الأزل إلى ما خلف التخوم البعيدة.. فتحية لكل من قدَّموا هذا العمل الضخم الذي يليق بكل عُماني، وتحية لكل مُحب شارك محبته بإخراج الفيلم بالصورة التي رأيناها.