أحمد السلماني
تلقيتُ دعوة كريمة من أحد الفرق الأهلية البارزة في ولاية الرستاق لحضور حفل تكريم المجيدين من أبنائه، بعد موسم حافل بالعطاء، كان ثمرة تفوق مُطلق لهم وعلى كافة المساقات الرياضية والثقافية، فضلا عن الحضور الجيد للفريق على المستوى الأهلي اجتماعيا. ولأنَّ ماراثون التكريم كان طويلا ومراعاة لراعي المناسبة، فقد تمَّ تجزئته ليبدأ بالبارزين ثقافيا وكان من بينهم من هو مُتعهد للقرآن الكريم ومنشد والكاتب والمحاضر والمصور، في تنوع فريد، ثم يأتي الدور على الناشطين اجتماعيا ما بين معسكرات عمل بالقرية التابع لها هذا الفريق ومنتدى صيفي...وغيرها من الفعاليات التي تثري هذا الجانب، وتبرز قيمة إنسانية عالية تتمثل في بث روح التعاون والعمل بروح الفريق الواحد. وبعد ذلك المجيدين رياضيا، بعد أن توج الفريق بكأس النادي لهذا العام، وللحق فقبل بضع سنين كان هذا الفريق هامشيا إلى أن جاء "فتية آمنوا" بقدراتهم ليقفزوا فوق الواقع، ويخلف الأبناء الآباء، دون أن يُقصي أحدهما الآخر، بل إن التكاملية هي من زجت بهم للمقدمة.
ولقربي من الوضع وتجربتي الطويلة مع الفرق الأهلية ومع الطفرة الهائلة في التكلفة المادية العالية لتسيير برامج وأنشطة مثل هذه الفرق التي لا تجد حتى الحد الأدنى من الدعم والرافد الوحيد لها إنما هو من تبرعات أعضائه من هنا وهناك، ومحظوظ ذلك الفريق الذي يمتلك شخصية عامة وأعضاء شرف يدعمونه ماليا، عدا ذلك فلا يوجد إلا من بعض الاستثناءات النادرة؛ بالتالي كُنت أتوقع توقف هذه الفرق وتلاشيها رويدا لصالح الأندية؛ كون الأخيرة تجد من الدعم بشتى مآربه خاصة الحكومي فضلا عن الاستثمار وبعض شركات القطاع الخاص؛ وبالتالي لا مجال للمقارنة بين الأندية والفرق الأهلية من حيث الدخل المادي.
ومع ذلك، فإنَّ الأخيرة تنشط في أكثر من مساق، وتتفاعل مع المجتمع بشكل كبير، فضلا عن دورها في إبراز المواهب الشابة وفي مجالات شتى، وإذا انتقلنا للأندية فإنَّ غالبية أندية السلطنة تضخ مبالغ هائلة، ولكن في نشاط كرة القدم فقط، وليتها تبرز فيه فإذا ظهر لنا ناد وحقق بطولة ما هذا الموسم؛ فلنعلم أن الذي أنفقه إنما يتجاوز قدراته المالية وبديون ستهوي به في الموسم التالي، بعد أن بدد المؤونة كلها في عبثية غير محسوبة العواقب لمغامرات مجلس إدارة غير مسؤول فقط ابتغى نشوة الشهرة الزائلة وليحترق كل شيء بعد ذلك، ومع ذلك فلا نغمط حق أندية ناشطة ثقافيا واجتماعيا ورياضيا بتنشيط ألعاب كثيرة غير كرة القدم التي، ورغم كل ما يضخ لها من أموال، إلا أننا لا نزال تعيش سنوات التيه والبحث عن الذات الجديدة.
حفل التكريم هذا الذي حدَّثتكم عنه، ولَّد لدي قناعة وإدراكا تاما بالدور الكبير والرسالة المهمة التي تؤديها هذه الفرق للمجتمع؛ وبالتالي لا عجب أن وجهت وزارة الشؤون الرياضية بوصلة الاهتمام تجاهها؛ لأنها ببساطة تترجم الهدف من الرياضة في بلادي؛ وبالتالي فإنَّ الوضع الحالي والحقيقة المرة التي يجب أن نعترف بها هي وجود أزمة وتقاطع في الأدوار واشتباك والتباس غير مبرر ومعادلة غير موزونة بالمرة مفادها أنَّ "الفرق الأهلية على محدودية إمكانياتها، سحبت البساط من الأندية لتؤدي الرسالة التي من أجلها أنشئت، وفي المقابل لا تزال الأندية تعيش داخل دائرة ضيقة حدودها كرة القدم"؛ لذا أرى من الضرورة بمكان زيادة الدعم للفرق الأهلية الفاعلة والناشطة؛ فالمبالغ التي تصرف على الأندية يجب أن لا تستأثر بها لنفسها ولكرة القدم فقط، بل لا بد أن تمنح الفرق التابعة لها شيئا منها فهذه أكثر فاعلية وإنتاجا.
نقطة أخيرة على السطر لا علاقة لها بالموضوع؛ وهي: هل بروز الألعاب الشاطئية في فيتنام مؤخرا والنتائج الإيجابية مؤشر على حراك رياضي على مستوى القيادات بعد الإخفاق المروع في الألمبياد؟ أتمنى ذلك، وما زلت أنتظر وعدا من مجلس الشورى كان قد قطعه بتعهد المرحلة المقبلة في السعي للرقي بالرياضة العمانية، والقفز بها إلى منصات التتويج، فهل من خطوات في هذا الجانب؟ ما زلنا ننتظر، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!