حمود بن علي الطرقي
أيّ مشروع ترتجى منه نتيجة ذات فاعلية حقيقية، يستند فيه متخذ القرار إلى أساس ضروري، وهو التقييم، الذي يضع نصب العين الآلية والتوقيت الزمني المرتبطين بتنفيذ المشاريع التي وضعتها الحكومة موضع التنفيذ، وهي الخطوة ذاتها التي جعلت من (النموذج الماليزي) يشهد نجاحاً منقطع النظير، بل صار مثالاً يُحتذى به، والسبب الأصيل هنا هو التقييم الدقيق لأداء المسؤول..
أثناء مُتابعتي لهذا البرنامج منذ انطلاقه أجزم أنه أي (تنفيذ)، وهو البرنامج الطموح الذي تُريد منه الحكومة أن يكون فاتحة اختلاف للمرحلة المقبلة، يجيء استنادًا إلى النموذج الماليزي في صناعته التجربة الناجحة للتعامل مع المشاريع المُغيّرة نحو الأفضل في الاستثمار والاقتصاد، وهذا ما سكبت فيه حكومة السلطنة مئات الآلاف من الريالات من أجل أن ينعم بأفضل وسائل التطبيق، هذا البرنامج يدخل الأسبوع الثاني منذ بدئه. ومازال هناك تباين في الآراء من قبل المشاركين إلا أن السواد الأعظم يرى أن " تنفيذ" سيحقق الشراكة التي تنشدها الحكومة وسينعم القطاع الخاص بالعمل في بيئة خصبة تجعله شريكًا فعلياً للحكومة في قيادة قاطرة التغيير نحو آفاق أرحب.
كنت اليوم أتجول في أروقة معهد الإدارة العامة حيث يقام البرنامج الذي يقوم على نموذج المختبرات، أي حلقات (ورش) العصف الذهني يتبادل فيه خبراء من القطاعين الحكومي والخاص الحوار والرأي والتجارب التي منها سيتم الانطلاق نحو المستقبل؛ هذه المختبرات تشهد حراكًا وتجاذباً في النقاش وأتيح لي متابعة مختبرات التَّمويل، السياحة، الخدمات اللوجستية، الصناعات التحويلية، والقوى العاملة والتشغيل؛ ولاحظت مدى جدية النقاشات وهي عماد الاستخلاصات النهائية التي يرجو (تنفيذ) أن يُحققها بناء على السياق النموذجي في التجربة الماليزية..
يمكن - بدءاً- القول إنّ تباين الرؤى كان حاضرًا على الرغم من أنّ المختبرات (التنفيذ)يـة لا تزال في أسابيعها الأولى، وهذا التباين منعكس عن الاستقراء المستشف للمرحلة اللاحقة، ولكن يتفق الجميع، ممثلو القطاعين الحكومي والخاص، على أن النجاح يجب أن يكون هو المحصلة، ويجب أن يكون هو المرعيّ والمعمول به، ولا مناص من تحقيقه، باعتبار أنَّ التجربة الماليزية هي الأقرب إلينا، أعني من الناحية الواقعية الرامية إلى الخروج من النمط الواحد للاقتصاد (النفط)، بحثًا عن رئات أخرى يتنفس منها الاقتصاد العماني في المرحلة المقبلة ..
كانت هناك بعض الآراء التي ترى أنّ المدة المحددة لتحصيل نتائج (تنفيذ) غير كافية، فالشهر المنذور للعصف الذهني لا يكفي لكي يتم رسم خطط تستوعب الخطة الخمسية التاسعة التي تنتهي في العام 2020، خاصة وأن الخطة ذاتها تتكون من 19 قطاعاً مستهدفاً، في حين أنّ مختبرات (تنفيذ) تستهدف ثلاثة قطاعات رئيسية فقط، مما يجعل المرحلة (شهرا واحدا) تستدعي المراجعة لمدّها إلى فترة أطول، تتناسب مع طبيعة المأمول تحقيقه منها.
من حيث المبدأ يمكن ملاحظة أن المسؤولين المعنيين بـ (تنفيذ) يسعون بجدية ملفتة من أجل الخروج بأفضل النتائج ذات التطبيقات الممكن تحقيقها على أرض الواقع، لتنعكس على الأداء الاقتصادي للسلطنة، ولتنعش المستويات الضامرة في الأداء، لتتحوّل - مع الوقت - إلى نموذج يمكنها أن تسهم في بلوغ المستويات التي تخطط لها الحكومة، هذه الملاحظة مبنية - بشكل مُباشر- على معاينات عن قرب قمنا بها، راصدين العلاقة بين الحاضر والمُستقبل من خلال (تنفيذ)..
لكن يلوح في الأفق أمر ضروري ومُلحّ، وهو عملية تقييم المستوى الأدائي ذاته، ففي التجربة الماليزية هناك اجتماع (وزاري)، الهدف منه ليس تبادل التقارير، بل إيضاح المستوى الذي وصل إليه تنفيذ المشاريع المعتمدة، بناء على تقارير دقيقة دورية، معنية بمتابعة التنفيذ، وهذا كله يهدف إلى (تقييم أداء المسؤول) المعني بتلك المشاريع المطروحة للنقاش في الاجتماعات الدورية الوزارية، بغضّ النظر عن المسمى الوظيفي، لأنَّ المقصود هو كفاءة التنفيذ، فإن كان المسؤول ملتزماً بالخطة، استمرّ في أداء عمله، وإلا تتمّ إحالته إلى المساءلة، مع تفريغ الأجدر منه لتلك المهمة..
لماذا كل ذلك؟ لم تلك المساءلة في تقييم الأداء؟ وإلام قادت تلك الخطوة (النموذج الماليزي) في حين ينبغي لها - أيضًا - أن تقود النموذج العُماني؟ لأنّ الهدف هو التنافسية، التي لن تتحقق إلا بتجويد الأداء، ولن يكون لها تأثير مستقبلي في صناعة المشاريع الناجحة ما لم تتصل بتلك النقطة الجامعة بين طرفين ضروريين في إنعاش الاقتصاد وتنويعه وتعديل مساره الحالي، بما فيه من جدية وطموح ورغبة في بلوغ المستويات المأمول تحقيقها حكوميًا.
أخيراً أقول إن" تنفيذ " مشروع لابد أن يحقق النجاح وهذا أمر في غاية الأهمية لكي ينطلق العمل نحو غد مشرق بإذن الله.