عمال على الطرقات والأزقة

يوسف علي البلوشي

أفرزت إجازة عيد الأضحى المُبارك مشاهد عديدة من بينها توافد العمالة والقوى العاملة الوافدة من مُختلف الولايات والمناطق البعيدة إلى المدن والحواضر، وشوهدت الطوابير المُمتدة أمام أجهزة المصارف الإلكترونية، وغيرها تتكدس جلوساً في الأسواق والطرقات والأزقة وبين المُجمعات السكنية.
لسنا ضد ذلك بالطبع، بقدر ما أننا مع تنظيم هذه العمالة التي تتوافد من دول مُعينة وبشكل كبير تحت ما يُسمى العمالة ذات الأجر الرخيص والتي تشكل عبئاً أكبر من إنتاجها المُثمر على البلد.
فلو لاحظنا أنّ هذه العمالة تعمل في المهن الصغيرة وتتقاضى أجورًا زهيدة، وتأتي تحت أذونات عمالية رخيصة وتجد كثيرًا منهم يعملون لحسابهم الخاص تحت كفالة مواطنين قد لا يعلمون عنهم شيئاً.
الشاهد في حديثي أنّ كثيرًا من هذه العمالة الذي نشاهدها على الطرقات، تجد فيهم من لا تتوافر شروط قد تكون مطلوبة في العمال، مثل الشروط الصحية والبدنية، وقد قضى سنوات عدة في العمل، مما يثير عدة استفسارات حول ما يُقدمه هذا العامل الوافد في حين أنَّ كثيرًا من الوظائف يشترط على العُماني أن يكون لائقاً صحياً وبدنياً لتقلدها، في حين أن أنظمتنا تسمح لبعض ذوي الحالات المُختلفة من الوافدين من العمل في السلطنة دون الإكتراث بعواقب ذلك وإنعكاسها على النواتج الاقتصادية والتجارية بالسلطنة.
إنّ تكدس هذه العمالة يفتح الباب أمام التساؤلات والاستفسارات حول عدة أشياء منها أنّ برامج دعم الأعمال مثل الرفد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبرامج مؤسسات القطاع الخاص لم تؤتِ ثمارها حتى الآن بل ولازالت محدودة الفاعلية بين أوساط الشباب والتجار بالمجتمع، كما أن مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لازالت هي الأخرى تصب مساراتها في غير الفائدة العظمى لهذا البلد مثل ماهو واضح من مقدار التحويلات المالية التي أظهرتها الأرقام في عام 2015 والأعوام السابقة له.
عودًا على الاختلاف النوعي لهذه العمالة التي تستفيد من تواجدها بالسلطنة أكثر مما تقدمه إذا ما سلمنا أنها تعمل في الصناعات وأيضًا الحرف الصغيرة جداً التي قد لا يعمل بها العماني ولكننا يجب أن نتدارس تصحيح أوضاعها خاصة وأن كثيراً منها بحسب ما قاله بعض منهم جاء من مناطق يعملون فيها بالبحر طوال السنة ممايعني أنهم بعيدون عن نقاط التفتيش الرقابي للعمالة وغيرهم يعمل في الزراعة بمزارع بعيدة ببعض الولايات مما يعني أن أعمالهم أيضاً بعيدة عن رقابة الجهات المُختصة.

أظهرت الأرقام المحلية في عام ٢٠١٥ أن قيمة التحويلات المالية خارج السلطنة بلغت قرابة 4.3 مليار ريال، مما جعل هذه الأرقام مثار الكثير من الاستفسارات طالب فيها مختصون بحوار مجتمعي فعال تشارك فيه الحكومة والمجالس التشريعية والمواطنون.
وأوضحوا أنّ قانون الاستثمار بشكله الحالي لا يسمح بتملك الأجانب أصولاً أو عقارات إلا في المشاريع السياحية مرتفعة التكاليف، وهذا لا يُساعد على الاستفادة من الأموال مما يتطلب فتح المجال أمامهم، إلى جانب رفع نسبة التملك في الشركات العُمانية المساهمة التي يحددها القانون الحالي بـ 49%، وهو ما سيشجع الوافدين والأجانب على الاستثمار في سوق الأوراق المالية والصناديق والمحافظ الاستثمارية ومجال التصنيع.
أي أنّ المبالغ الهائلة التي ارتفعت عن الأعوام السابقة في ازدياد مستمر، ودعا أيضاً اقتصاديون ومحللون إلى ضرورة دراسة الأوضاع والاستفادة من هذه التحويلات بما يعود على البلاد بالنُّمو ونشاط الحراك الاقتصادي.

 

[email protected]