النمو الاقتصادي وتحديات الأزمة

 

 

على الرغم من تداعيات أزمة تراجع أسعار النَّفط منذ أكثر من عامين، وتأثيراتها على اقتصادنا الوطني، إلا أنّ السلطنة تواصل تحقيق معدلات إيجابية على صعيد النُّمو، إذ تكشف الأرقام عن تحقيق الاقتصاد الوطني لنمو إجمالي خلال سنوات الخطة الخمسية الثامنة التي انقضت العام الماضي، بنحو 4 في المئة، وهو مُعدَّل رغم أنَّه أقل من التوقعات التي كانت مرصودة عند وضع الخطة، لكنه يؤكد في المقابل أنَّ السياسات الاقتصادية الحالية نجحت في تقليل حدة التأثيرات المُباشرة على الاقتصاد.

فالحكومة اتخذت ما يلزم من تدابير وإجراءات، حتى وإن أُطلق عليها اسم "التقشفية"، لكنها تبقى في النهاية إجراءات احترازية تسهم في تجنيب السلطنة المزيد من التبعات السلبية لأزمة انخفاض الواردات، وتأثير ذلك على خطط الإنفاق العام. لكن الواضح أن السياسة الاقتصادية للسلطنة في مرحلة النفط الرخيص تنتهج مبدأ الاستدامة، فكم من القرارات التي اتخذتها الحكومة خلال الآونة الأخيرة استهدفت في الأساس استدامة النُّمو والخدمات ذات الجودة، في مقابل زيادات بين الطفيفة والمتوسطة في أسعار الخدمات. ولعل أبرز خطط الاستدامة قرار تعديل أسعار المحروقات وفقاً لآليات السوق، وهو الإجراء الذي ساهم في الحد من نزيف دعم المحروقات الذي كان يذهب كثير منه إلى من يتاجرون به خارج الحدود، فينتهي المطاف بألا يستفيد المواطن سوى بالقليل، لكن مع المنظومة الجديدة يذهب مبلغ الدعم إلى تطوير قطاعات خدمية أخرى.

وعند قراءة الأرقام المنشورة، يتضح أنَّ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية سجل نموًا بنسبة 4 في المائة في الفترة بين عامي 2011 و2015 مع تأثيرات تراجع النفط، لكن في المقابل، سجل الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية خلال هذه السنوات الخمسة ارتفاعاً ملحوظًا، فبعد أن بلغ 14.3 مليار ريال في 2011، صعد في 2012 إلى 16 مليار ريال ليواصل صعوده في 2013 إلى 17.2 مليار ريال، ليقفز في 2015 إلى 1ر19 مليار ريال.

إنّ السياسات الاقتصادية الناجعة التي تنفذها السلطنة تستهدف في الأساس حماية الاقتصاد الوطني من العثرات، ومواصلة مُعدلات النُّمو، وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي، بما يضمن تحقيق خطط تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للشباب، وضمان تقديم خدمات بأعلى معايير الجودة.

تعليق عبر الفيس بوك