تغريدات بعيدة عن الواقع

 

خالد بن علي الخوالدي

إننا لا نعيش في كوكب آخر، ولا في عالم افتراضي، وإنّما لنا كياننا وواقعنا وظروفنا، ويعيش كل منِّا حسب إمكانياته وقدراته وطاقاته، وهو حال كل دولة تعيش بإمكانياتها، هكذا نحن وهكذا يجب أن نكون حيث تضمنا أرض واحدة نتقاسم فيها هواءها وخيراتها كل حسب ما قدره الله له، أما من يرى العالم والحياة والواقع الذي نعيشه بتصورات خيالية، ويعمل مقارنات ظالمة بين كيانات ومجتمعات ودول لا يوجد بينها أيّ ارتباط ولا تكافؤ ولا انسجام لا في الإمكانيات ولا في القدرات ولا حتى في الحياة التي يعيشها الناس، فمما لا شك فيه أنه يظلم نفسه ويظلم مجتمعه ودولته ويسعى إلى الفرقة والتشرذم ويخرج خاسرًا في النهاية لأنّه لا يقف على أرض صلبة.

 إنّ كل فرد في المجتمع تنطلق قناعاته من أرض صلبة، كفل له النظام الأساسي للدولة أن ينتقد ما يحلو له، بأسلوب مُهذب وسلس بدون تجريح لأشخاص معينين لذواتهم، وإنما النقد يكون لأفكارهم وأعمالهم، وهي في النهاية أعمال بشرية تعتريها عوامل الصواب والخطأ وهذا في الحقيقة ديدن الكثير من الكتاب الذين أقرأ لهم في صحفنا المحلية يوميًا، والذين يشع من مقالاتهم حب عميق لهذا الوطن ورغبة صادقة في الإصلاح والبناء والتعمير.

 

أما من نأى بنفسه وادعى أنّه مصلح زمانه وغرَّد بتغريدات لا تمت إلى الواقع بصلة، وسب هذا وقذف هذا، وتطاول على ممن هم أعلى منه بغير وجه حق، راغباً في أن يحقق مصالح شخصية لذاته وشهرة مزيفة تحت شعار خالف تُعرف، فهم بلا شك سيُعرفون وسيشتهرون وسيحققون مبتغاهم، ولكنهم سريعًا ما يتلاشون من ذاكرة النّاس، فهم مثل فقاعات الصابون سريعًا ما تزول، وتظهر هذه التجليات في الكتابات التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي والمُنتديات والمدونات، وحتى في النقاشات العامة حيث تجهز المقارنات ويحتدم النقاش، والأمر المؤسف أكثر أن نسمع هذا التداول خارج إطار الوطن، مما يشكل سمعة غير طيبة وغير مقبولة لأغلى الأوطان وأسماها فالشاعر يقول

 

 بلادي وإن جارت علي عزيزة      وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام

 

اكتب ما تشاء، وطالب بحقوقك، واكشف الأخطاء، وانتقد وحلل الأمور من وجهة نظرك، وشارك برأيك واطرح أفكارك، ولا تهدم ما بني في سنين بكلمات بدون برهان، واحترم وجهات النظر وتبادل الأفكار والآراء مع غيرك بصدر رحب، ولا تطبق القاعدة العقائدية رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب، فهذه أفكار تتداول ولست من كلفت بالترافع عن الوطن، وحماية مكتسباته بل يشاركك في ذلك الملايين، فكلامك مردود عليه حتى لو صادف الصواب فكيف إن اعتراه الخطأ، علينا أن نعيش واقعنا بكل تفاصيله، وأن ننظر إلى الأمور من زوايا مختلفة وألا نقصر نظرنا على زاوية واحدة فقط، ودمتم ودامت عمان بخير.

 

 

Khalid1330@hotmail.com

 

الأكثر قراءة