"الإثراء بلا سبب" وضياع الحقيقة

 

 

فايزة الكلبانية

يُقصد بالمصطلح القانوني "الإثراء بلا سبب" حصول شخص ما على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر، لذا يلتزم، في حدود ما كسبه بتعويض من لحقه الضرر بسبب هذا الكسب، ويبقى هذا الالتزام قائمًا ولو زال كسبه فيما بعد.

سقت التقدمة السابقة لتسليط الضوء بوضوح على "قضية راشمي والزمن" والتي تشغل الشارع العماني بمجرياتها التي تتخذ أبعادًا متباينة، وتحليلات ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض؛ محتملة الخطأ والصواب في طيّاتها، ولكن المؤكد أن الحقيقة ما زالت "ضائعة" ولم ترَ النور بعد؛ فمجريات الحدث ليست بالأمر الهيّن، لنحكم عن بعد على ما وقفنا عليه حتى اللحظة من منشورات، كوننا جميعا لسنا على إطلاع تام بمجريات وتفاصيل القضية ووقائع أحداثها، لذا يظل من الصعوبة بمكان أن نتهم أو نبرئ طرفًا على حساب آخر حتى ولو "جرت الرياح بما لا تشتهي السفن".

وفي المقابل كوننا لم نقف على تفاصيل القضية منذ بدايتها، ولا نعلم خباياها، قد يتبادر إلى أذهان البعض منا عدد من الأسئلة، والتي تؤكد على وجود "حلقة مفقودة" قد تدركها هذه الأطراف المعنية بالقضية أكثر من غيرهم. ويبقى الأهم من هذا الصراع كله: ما هو مصدر هذه الثروة والأموال التي كشفت النقاب عن كل هذه الأحداث؟!

هل هي أموال جاءت بطريقة مشروعة أم أنّها أموال من حق الدولة وتمّ الحصول عليها بطرق غير مشروعة ولابد من مصادرتها وتعاد لخزينة الدولة؛ لاسيما في ظل أزمة تراجع أسعار النفط؟ فمثل هذه الثروات لابد وأن تسهم في المسيرة الاقتصادية ولو في إنشاء صرح علمي أو غيرها من المشاريع المتطلبة للسيولة. ولكن الغريب أنّ الصراع اهتم فقط بجوانب أخرى متناسيا هذا الجانب وهو المال والثروات؛ لذا لابد من أخذه بعين الاعتبار حتى نعرف أصل كل هذه الفوضى.

التحدي هنا يتمثل في الكشف عن مصدر هذه الثروة التي ورثها الوارثون، فهل يعقل أن يجد "موظف" محدود الدخل يتقاضى راتبا شهريا متواضعا من عمله لا يتعدى بضع المئات؛ بين ليلة وضحاها في رصيده أو حسابه مبلغًا هائلا من المال، وثروات قد تصل إلى مئات الآلاف أو الملايين أو أكثر دون أن نقف وقفة تأمل وتفحص، متسائلين: من أين لك هذا؟!

اليوم يتساءل كثير من المتابعين عن مصدر هذه الثروات والأموال التي كانت سببًا في إثارة هذه الأحداث وكشف الستار عن كثير من الأقاويل والأموال؟ وما هي مصادرها؟ سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة؟ أكرر: "ما هي مصادرها؟!

ولأنّ الشيء بالشيء يذكر فمن هذا المنطلق نبارك اعتماد جهاز الرقابة المالية والإدارية ضوابط جديدة للذمة المالية للمسؤول الحكومي، والتي تأتي في مرحلة دقيقة يمر بها اقتصادنا الوطني؛ إذ يُعد مثل هذا الإقرار "وثيقة براءة" لا دليل اتهام، تحمل في طيّاتها الشفافية والسريّة.

 

faiza@alroya.info