يواصل المعرض الوثائقي "عمان تاريخ وحضارة" الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بمركز البلدية الترفيهي بقاعة عمان ضمن فعاليات مهرجان صلالة السياحي ٢٠١٦م، استقبال زواره من مختلف محافظات السلطنة إلى جانب عدد كبير من الزائرين من خارج السلطنة. ويحتوي المعرض على مجموعة من الوثائق التاريخية التي تمثل حقبا تاريخية مختلفة وأقسام متعددة تحكي تاريخ السلطنة التليد.
وقال أحمد بن محمد الصباحي رئيس قسم تنظيم المعارض بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، إن الهيئة تسعى منذ تأسيسها إلى تأصيل ثقافة الاطلاع على الوثائق عبر قنوات متعددة كالمعارض المحلية والدولية، حيث عكفت على إقامة هذه المعارض في كافة مناطق ومحافظات السلطنة، كما تنوعت هذه المعارض في أمكان العرض فتجولت بين الجامعات والكليات والمدارس والمجالس الأهلية، بالإضافة إلى حرص الهيئة على استخدام أساليب وطرق عرض جذابة تعمل اتاحة الاطلاع على هذه الوثائق والمحفوظات بأقصى درجة ممكنه. فالمعرض الذي اتسم بالحضاري بما حملته الوثائق التي زخرت بها جنباته من أصالة الإرث العماني، الذي يسرد في كل جانب منه رواية مضاءة بالمشهد التاريخ لعمان، فيضم قسم يوضح العلاقات الدولية (المعاهدات الدولية والمراسلات والاتفاقيات) بين السلطنة وبقية دول العالم، كالمعهادة الدولية بين السلطان سعيد بن سلطان والولايات المتحدة تعود إلى ١٨٣٥م، ومعاهدة ودية بين السلطان برغش بن سعيد وإمبراطور المانيا وبروسيا، وقسم الوثائق الخاصة (الوصايا والاقرارات والتعازي والتهاني والطب الشعبي والأفلاج وغيرها) التي تمتلكها الهيئة من المواطنين وتخص العائلات العمانية وهي عبارة عن وثائق المواطنين مثل إقرارات بيع والأفلاج والقصائد الشعرية والميراث ومراسلات التهاني والتعازي والوصايا حيث تم التركيز على وثائق أبناء محافظة ظفار، ويعد المعرض فرصة للاطلاع على العديد من الوثائق والصور التاريخية النادرة منها صور من معالم محافظة ظفار والقلاع والحصون التي تتناول فترات ممتدة وحقب تاريخية مختلفة تتحدث عن مخزون وإرث حضاري وثقافي لذاكرة هذا الوطن العزيز.
وأضاف الصباحي: يوجد بالمعرض قسم خاص بالطوابع والبطاقات البريدية يعرض مسيرة الطوابع العالمية ويعود إصدار أول طابع عماني إلى عام ١٩٦٦م، والخرائط القديمة تحدد المسارات البحرية التي تربط عمان بدول العالم المختلفة منها الطرق البحرية وحدود امتداد نفوذ الإمبراطورية، إضافة إلى خريطة توضح مسار جريان عن ماء في محافظة ظفار تعود إلى 1783، كما يحتوي المعرض على مجموعة من الوثائق والمخطوطات حيث يبلغ عدد المخطوطات في المعرض 22 مخطوطة من الأصول مثل المصاحف وكتب فقهية ومخطوطات عن الشعر والنثر وعلوم النحو الصرف وعلوم الفلك. ومجموعة من قصاصات الصحف والمجلات. كذلك يحتوي المعرض على أدوات استخدمها العمانيون سابقًا في الكتابة والوزن والطب، وتسعى الهيئة من خلال هذا المعرض ومختلف المعارض التي تقيمها إلى فتح آفاق جديدة لجميع الباحثين والمؤرخين والدارسين والمهتمين بالمجال التاريخي وذاكرة الوطن.
وأشار الصباحي إلى تميّز المعرض بتوافد الزوار، الذين تناغموا مع شواهد التاريخ الذي سرد بين سطوره اسم عمان الحضارة في مختلف الحقب الزمنية، حيث تحدث أحمد بن سالم الحجري خلال زيارته للمعرض مبديًا إعجابه بما شاهده من معروضات، حيث قال إنّ هذا المعرض يعد فرصة ثمينة للاطلاع على الوثائق العمانية في شتى المجالات، كالمراسلات السلطانية والعلاقات الدولية، مؤكدا على أهميّة وجود قسم بالوثائق الخاصة والمتعلق بوثائق أهالي محافظة ظفار، مثمنًا الجهود المميزة التي تبذلها الهيئة في الحفاظ على الوثائق واتاحتها للاطلاع عبر هذه المعارض الوثائقية.
وقال علي بن سالم المهري إنّ الوثيقة لها قيمة كبيرة في حياة الإنسان العماني لارتباطها بجوانب عديدة كالحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما تمثله من حفظ لتاريخ بلد وحضارة أمة، تتوارثها لأجيال جيلا بعد جيل، وأنّ على كل فرد من أبناء هذا الوطن المساهمة في الحفاظ على هذا الإرث الحضاري.
وقال محمد بن مبارك الراشدي من دولة الإمارات العربية الشقيقة إنّ المعرض يعد إضافة مميزة لزوار مهرجان خريف صلالة السياحي، لما يمثله من قيمة حضارية عالية تظهر حضارة عمان عبر مجموعة كبيرة من الوثائق والمخطوطات تكشف عن محطات عمان عبر حقب زمنية مختلفة.
ويشار إلى أنّ هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تمثل أهمية خاصة لحفظ الذاكرة الوطنية بفضل ما يتجمع لديها من الوثائق التي ترحل من الجهات المعنية والخاضعة لقانون الوثائق أو تلك التي يبادر المجتمع بتسجيل وثائقه لديها فضلا عما توليه الهيئة من جهد حثيث في الحصول على الوثائق المتوفرة في الأرشيفات ودور الوثائق في مختلف دول العالم والعمل على تعريف الدول كافة بما تضمه السلطنة من إرث ومخزون حضاري وتاريخي.