هنا وهناك

 

 

مدرين المكتوميَّة

حين نتحدَّث عن الوطن نتحدَّث عن الأمن والأمان الذي يُمكن أن يعيشه المواطن على أرضه، عن الاستقرار الذي ننشده، والذي ما عاد موجودا في كثير من دول العالم، أصبح كالحلم الجميل الذي يراود الكثير من الشعوب العربية التي تنام على ذعر وتستيقظ على خوف، ولأنَّنا ننتمي لهذا العالم وحبانا الله بنعمة الأمن والأمان، تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- منذ فجر النهضة وحتى الآن، كان علينا أن نشكر النعمة، وأن لا نكون جاحدين عليها، فكل أجهزة الأمن والشرطة الوطنية تحرص على استمرار وتبحث عن الطمأنينة والاستقرار لنا.

ولأننا قد لا نرى ما يدور من حولنا من أحداث، قد يُخيَّل لنا أنَّ الشرطة مهمتهم تصيُّد الأخطاء ليقوموا بمخالفتنا على الرغم من تعاملهم المهذب في أي موقف قد نصادفه، وهنا لا أتحدث عن الكل، ولكن أتحدث عن أفراد رأيتهم بعيني أو التقيتهم في أماكن تأدية واجباتهم، فإذا كان هناك من قابل العكس أو حدثت معه مواقف لا يرضاها من الشرطة؛ فهذه بالتأكيد الأقلية وليست الغالبية.

وحين نودُّ توجيه التهم لهذه الفئة من الناس علينا أن نذكر المعاملة السيئة التي يتلقاها بعض المواطنين في أمريكا التي نراها العالم بأكمله، والاحتجاجات التي خرجت إثر مقتل رجلين من السود في دالاس مساء الخميس الماضي بالتوقيت الأمريكي والتي قُتِل خلالها 5 من الضباط وأصيب 5 منهم برصاص قناصة، بينما قتل ضابط سادس بكمين مسلح، وقد ذكر قائد شرطة دالاس للإعلام أنَّ القناص المشتبه أبلغ مفاوضيه أنَّه أراد قتل الأمريكيين البيض خاصة رجال الشرطة، بعد سلسلة عمليات إطلاق رجال الشرطة النار على أمريكيين سود. فمثل هذه الحوادث توصلنا إلى استنتاجات كثيرة؛ منها أنَّنا لا نجد سوى الاحترام والتقدير من قبل الشرطة في بلادنا الحبيبة التي تبدأ بالتحية بهدوء، ومن ثم يقوم بتطبيق القانون في حدود عمله، ولأنني أتحدث عن الفرق بين الشرطي في عُمان والشرطي خارج عُمان، فكان من الأحرى ذكر موقف شرطة عمان السلطانية حين اعترفت منذ أيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدهس سيارة أحد دورياتها لمواطن كبير في السن، مؤكدة للرأي العام أنه حادث عرضي أثناء أداء عملها رغم محاولتها تفادية مُقدِّمة التعازي ومعترفة بما قامت به.

وفي أحيان كثيرة، البعض منا يحب أن يُفسد الأشياء الجميلة، خاصة وإن اعتاد على أن تكون بنمطية واحدة دون مقارنتها مع الغير، بدل أن نشكر نبدأ بالتذمر والشكوى، على الرغم من أن الشرطي قبل أن يكون في هذه المهنة فهو أخ وأب وصديق وزميل للكثيرين، فهم ليسوا مستوردين من الخارج كما يتعامل معهم البعض، بل هم منا وفينا، وعلينا أن نقدِّم لهم الدعم ونحترم مهنتهم. وفي نهاية المطاف فإن طبيعة العلاقة بين الشرطي والمواطن أو المقيم هي بالنهاية علاقة تطبيق القانون، وكما يقوم الشرطي بتأدية عمله في تقديم الخدمات، فإنه أيضا عندما يطبق حدود القانون يؤدي عمله، ولا ينسى في الحالتين احترام الآخرين، فلو نزل أحدنا من سيارته في الظهيرة ووقف معهم لينظم السير لشعر كما يشعرون هم، ولعَلِمَ كم يعانون لأجل سلامتنا، وليعرفوا أنهم أول من يخاطرون بحياتهم تحت أي كارثة تحل بهذا الوطن الذي ندعو ليل نهار أن يظل مستقرا وأمنًا.

madreen@alroya.info

الأكثر قراءة