"صيف حار"..!

 

المعتصم البوسعيدي

مَنْ مِنَّا لا يتذكَّر المُسلسل العُماني القديم "صيف حار"؛ حيث ذاكَ الزمن النقي الذي أطلَّ فيه عملاقي الدراما العُمانية صالح زعل وسعود الدرمكي في شخصيتي "شامس ورامس" هذين الشابين اللذينِ جمعهما القدر ليتشاركا العثرات والسعي نحو الرقي بحياتهما العملية في قالبٍ فكاهي لم يخلُ من تجسيدِ القيمِ العُمانية الجميلة مع مجموعة من نجومِ الشاشةِ أذكرُ مِنهم الراحل سعد القبان وأمينة عبدالرسول.

"صيف حار" مسلسل عبر زمانه؛ فلا يزال يقف في مصاف صدارة الدراما العُمانية عند كثيرين، أما صيف رياضة العام 2016 فحملَ -ولا زال- بين طياته الشهد والدموع في كلِ أرجاء العالم وفي مختلفِ الرياضات، لعلَّ حرارته الأكبر بلغت الذروة في كرةِ القدم مع بطولتي كوبا أمريكا المئوية ويورو فرنسا، إضافة للعديدِ من الأحداثِ الرياضيةِ الأُخرى التي سأحاول المرور عليها والوقوف عِند صيفها الحار والمشتعل بالدروس والعِبر.

صيف لم يرحم "ميسي" وظهرت فيه قسوة "الجلد المنفوخ" الذي لم يأبه لأحد أفضل من لمسه وأضفى عليه المتعة والجمال؛ حين قسى عليه بشبح الإخفاق مع منتخب "التانجو" للمرة الرابعة مما استدعى إعلان اعتزاله الدولي، علاوة على معاناته النفسية مع محاكمته عن التهرب الضريبي. أما شقيقة كرة القدم "الصغيرة" الكرة الصفراء فقد فعلت فعلتِها بتبديدِ حلم الصربي "نوفاك جوكوفيتش" في الحصولِ على البطولاتِ الأربع الكبرى في موسم واحد، وهو الذي استطاع أخيرًا اقتناص لؤلؤته المفقودة بطولة فرنسا المفتوحة "رولان غاروس" وذلك بخروجه المفاجئ من بطولة "ويمبلدون" التي توجت البريطاني "آندي موراي"، كما شهدت ذات البطولة معادلة الأمريكية "سيرينا ويليامز" لرقم الألمانية "شتيفي جراف" بـ22 بطولة "بالجراند سلام"، في حين عاش "اليورو" ما يُشبه حكايات ألف ليلة وليلة؛ فالأرض خانت أصحابها، وأعادت للبرتغاليين غزواتهم الغابرة بحصولهم على مستعمرة جديدة بعد ملاحقة استمرت 102 سنة منذ تأسيس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم؛ حين استسلمت كأس أوروبا "للسيلساو" الأوروبي بإمرة القائد "كرستيانو رونالدو" الذي أثخنته الجراح وسقط قويًا حتى ينال شرف النصر بعدما رفعت "الحرب" أوزارها!

الصيف مُلتهب أيضًا "بالمريكاتو" الذي وجه بوصلته نحو المدربين خاصة بالدوري الإنجليزي الذي يعيش حالة ترقب للموسم الجديد بصدام سيجمع "السبيشل ون" مورينهو في مسرح الأحلام، والمتجلي "بالتيكي تاكا" جوارديولا مع المان سيتي، وأنيق الطليان كونتي الربان الجديد "ليخت" الملياردير الروسي، مع وجود الحرس القديم "بجلباب" الفرنسي فينجر "بالمدفعجية"، وصاحب صرخة الذئاب التي احتلت عرش الأسود العجوز رانييري، والساعي للمشي نحو البطولات يورغن كلوب من معقل "الأنفليد" بليفربول. أما في الضفة الألمانية، فكان اختيار بايرن ميونخ لملامسة "ذات الأذنين" لصائد البطولات كارلو أنشيلوتي، ومع ذلك فإن "الميركاتو" لا يزال "مقدوح الزناد" بصفقات اللاعبين التي قد يصل بعضها للخيال المتحقق أو الواقعية التي تفرضها بعض الأندية وصراعها للظفرِ بنجوم الكرة.

الحرارة ستمتد نحو أولمبياد "ريو دي جانيرو" ومسلسل المنشطات الذي طوق الرياضيين الروسيين، وقد تصيب سهامها رياضي بريطانيا أيضًا، والأخبار السيئة تتوارد بسرقة معدات النقل التليفزيوني التي قُدرت قيمتها بما يزيد على 6 ملايين دولار، كما أن الإصابة حرمت العداء الجمايكي الشهير "بولت" من دخول تصفيات بلاده بسبب الإصابة، إلا أنَّ ذلك لن يمنعه من المشاركة لحصوله على عذر طبي، فيما شهد الصيف تألق صاحب 22 ميدالية أولمبية السباح الأمريكي "مايكل فلبس" بتأهله للأولمبياد للمرة الخامسة تواليًا متجاوزًا مشاكله الشخصية التي عانى منها في الفترة السابقة، وتبقى الدورة الأولمبية محاصرة بتحديات كبيرة على مستوى التنظيم علاوة على وعد التنافس المثير الذي سيكون محط أنظار العالم.

صيف حار شهد منذ بدايته رحيل "محمد علي كلاي" عن هذه الدنيا، وقبل يومين قرر نجم كرة السلة الأمريكية الشهير "تيم دنكان" الترجل من صهوته بعد 19 عامًا خلدت اسمه في تاريخ اللعبة، صيف لم يكن بذات الحرارة مع رياضتنا المحلية التي تحتاج لموسم هجرة ربما سنقف معه خلال قادم الأيام دون أن أغفل "طبخة" انتخابات الاتحاد العُماني بحراك المترشح الوحيد حتى الآن الشيخ سالم الوهيبي وترقب دخول السيد خالد بن حمد من عدمه لفترة ثالثة، أما الأندية فلا صوت يعلو فوق صوت نادي السويق الذي يبدو أنه "ناوي نية" على استعادة الألقاب ورسم الفرحة عند نهاية المشوار كما كان حال نهاية قصة مسلسلنا القديم "صيف حار" بعودة المياه لمجاريها وارتفاع صوت الأهازيج فرحًا وسعادة.