حصل على البراءة رسميًا ورغم ذلك تعرقل زواج ابنته بسبب السجن المؤقت

السجن لا ينتهي بقضاء العقوبة.. والمجتمع يجبر العائلات على دفع الثمن

 

 

 

رصد التجرية – مدرين المكتومية

 

يبلغ "س. ع" من العمر 53 عاما، وكان يعمل في وظيفه خاصه بمجال المحاسبة وكان يعاقب في حال حدوث أي خطأ بخصم من راتبه الشهري أو الحرمان من المكافآت، ولأنه كان يحب العمل لم يكن يتذمر أبدا بل كان يعمل بكل بجهد، دون أن يقف عند أي عقاب يوجه له في حال وقوعه في أي خطأ. كان متزوجا ولديه عائلة تتكون من 7 أفراد، 5 بنات و2 من البنين، وكان يتعامل معهم بالتساوي، ويقدم للجميع نفس المستوى من الاهتمام ولا يفضل أحدا على الآخر، وكل همّه أن يعيشوا حياة جميلة معا، وتعلموا ووصلوا إلى مراحل تعليمية ممتازة، فأغلبهم التحق بمؤسسات التعليم العالي، ومنهم من تخرج، ومنهم من تزوج ومنهم من يزال على مقاعد الدراسة، حتى حصلت مشكلة في العمل واتضح أن هناك اختلاسات مالية واتهم "س.ع" بالتورط في هذه الاختلاسات، ودخل السجن فترة من الزمن حتى صدر الحكم ببراءته من التهم المنسوبة إليه، لكن بعد قضاء 3 أشهر بالسجن.

وخلال تلك الفترة التي قضاها في السجن كان أبناؤه يترددون عليه لزيارته دون توقف حتى يشعر بالاطمئنان، وبعد خروجه من السجن قرر ترك العمل والبقاء في المنزل هربا من نظرة الشفقة والاتهام في عيون من يلتقيهم متجاهلين حصوله على حكم بالبراءة. وظلّ على هذا هذه الحال لا يريد العمل في أي وظيفة أو يقابل أي شخص لفترة طويلة من الزمن، وظلّ في منزله، ومرّت الأيام سريعًا حتى جاء الوقت ليطلب أحدهم الزواج من ابنته التي لم تتخرج بعد، ووافق على ذلك الارتباط؛ إلا أنه وبعد الموافقة سألت عائلة الابن عن عائلة الفتاة ليتضح أن والدها كان متهما بقضية مالية وظل في السجن لمدة 3 أشهر، وبالتالي طلب الوالد مقابلة الأب ليخبره بقرار التراجع عن الزواج، وانتهى كل شيء.

وبدأ "س.ع" يشعر بأنّ كل شيء في حياته توقف حتى حياة أبنائه توقفت أيضا، وقرر أن يسافر أو أن يترك المنزل على ألا يعرف أحد له طريقا، ولكنّه ظل يفكّر في الأمر باعتباره مجرد فكرة فقط لأنه لا يتخيّل أن يعيش بعيدًا عن عائلته، وظلّ يشعر بأنّه السبب وراء أي فشل أو خطأ قد يقع فيه أبناؤه، وترك الأمر لرب العالمين، حتى أنهت ابنته تعليمها العالي وبدأت البحث عن عمل، وحصل أبناؤه على وظائف ساعدتهم قليلا على تغيير أحوالهم الحياتية بعد ترك والدهم العمل وبقائه في المنزل..

مرت الأيام وكان هناك عرض وظيفي في المكان الذي كان يعمل فيه الأب فقررت ابنته أن تجرب حظها دون أن تخبر والدها بالأمر، وفي يوم المقابلة أنهت كل شيء بنجاح وجدارة لكن تم استدعاؤها بعد فترة ليخبروها عن أحوال والدها وأعطوها ظرفا لتسلمه إلى والدها، وأعطت الظرف الذي كان يحتوي على شيك بمبلغ 7000 ريال عماني كتعويض للأب مع موافقتهم على عمل ابنته في نفس المجال، إلا أنه رفض ذلك وانزعج وطلب منها إعادة الظرف والتراجع عن هذه الوظيفة التي يرى أنها سبب دمار عائلته وسمعته. وفعلا عملت بما قال لها، وبعد فترة وجدت وظيفة بنفس الكلية التي تخرجت منها وعملت بها، وظل الأب يردد نصيحته على أبنائه ابتعدوا عن الأعمال الخاصة بالمحاسبة والمالية وابتعدوا عن نظام الشيكات عبر البنوك، ولا تعملوا إلا بحدود ما يطلب منكم حتى لا تقعوا في أي خطأ تدفعون ثمنه.

لم يكن "س. ع" سعيدا في حياته لأنه يرى أن وصمة العار تلاحقه أينما ذهب ولا تتركه أبدا، وتلاحق أبناءه وبناته الذين ليس لهم دخل في ذلك، فلم تتزوج بناته من غريب لأن كل غريب يأتي لطلب الارتباط يتراجع على الفور عند معرفته بأمر السجن والقضية، وكذلك الحال مع أبنائه الذين تزوجوا بنات خالتهم وعمّاتهم بغير رغبتهم حتى لا يتعرضوا لمواقف محرجة مع الغرباء.

تعليق عبر الفيس بوك