ما بين "كوبا" و"يورو".. رسائل لكرة القدم العُمانية!

 

 

أحمد السلماني

يونيو المنصرم كان واحدًا من أجمل الشهوركرويًّا بعد أن استمتع العالم بوجبتين كرويتين دسمتين ومن العيار الثقيل، هناك حيث المتعة الكروية في "كوبا أمريكا" المئوية، وقصة ابن الأرجنتين غير المحظوظ وتكسُّر أحلامه على جدار أسوار سنتياغو عاصمة التشيلي، و"اليورو 2016" حيث التكتيكات والاندفاع البدني الهائل، وظاهرتي منتخبا أيسلندا وويلز؛ وبالتالي عشنا أياما كروية غاية في الإثارة والمتعة.

نحن هنا في السلطنة، ولأنَّ كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى بها، فقد تعاطينا مع البطولتين حتى الثمالة ولاحديث للزملاء والأصدقاء الرياضيين سوى عن النجوم العالميين في منتخبات أوروبا والأمريكتين، والمقارنة المبتذلة بين ميسي الباحث عن الحظ وصاروخ ماديرا رونالدو الطامح للقب عالمي هو الآخر، ويبدوأنه قريبمنه الليلة لولا وجود جريزمان على الطرف المقابل في منتخب الديوك.

ثلاثة فرق أبهرتْ العالم ولفتت الانتباه إليها في يونيو المجنون: تشيلي بتتويجها بكوبا أمريكا لمرتين متتاليتين، وأيسلندا بتأهلها الأول لليورو ولم تكتفِ بذلك بل زاحمت الكبار في الأدوار الإقصائية وهزمت إنجلترا بتاريخها ودوريها الكبير لتضرب موعدا مع الديوك الفرنسية التي صاحت 5 مرات مقابل هدفين شرفيين صفق لهما العالم، وويلز المعجزة التي تنبأ لها المحللين بأن تكون استراحة وجسرَ عبور سهلًا فإذا بها وحش كاسر لا يبقي ولا يذر وآخر ضحاياها كان المنتخب البلجيكي بكتيبة نجومه وبفوز كاسح للويلزين وبثلاثية لن ينساها البلجيك مقابل هدف شرفي لكنها اصطدمت بطوحات الولد البرتغالي الشقي الذي وجدها سانحة لإحراز لقب كبير فشل غريمه التقليدي ميسي في تحقيقه قبل أقل من شهر... إنها لعبة الكبار ياسادة.

وأثبت فوز تشيلي للمرة الثانية أن تتويجها العام الماضي بلقب البطولة للمرة الأولى في تاريخها لم يكن مفاجأة أو بسبب تنظيم البطولة آنذاك في تشيلينفسها لتحقق اللقب على طريقتها، وفي ظل توهج العديد من منتخبات أمريكا اللاتينية وبأسلوب يمزج بين المهارة وقوة الأداء والإرتداد السريع المعتمد على المجهود البدني الهائل، وضع مارسيلو بييليسا جذور هذا الأسلوب وحصد ثماره خورخي سامباولي وأبقى عليه خوان أنطونيو بيتزي لأن لاعبيه لا يعرفون طريقة أخرى للعب بها.

الظاهرة الثانية كان المنتخب الأيسلندي: أرخبيل من الجزر البركانية لا تستقيم فيها الملاعب،فمن أين أتى الأيسلنديين وبعدد سكان لا يتجاوز الـ320 ألف نسمة، عشر هؤلاء في الملعب أثناء المباراة بـ23 لاعبا هم من أقوى الأسماء الأوروبية اليوم؛ فقط لأنَّأحدهم احتقرهم يوما ما قبل 15 عاما وسأل إن كان هناك من بشر يعيشون تحت هذه البراكين فكان أن ثارت هذه البراكين،ولم تهدأ إلا تحت برج إيفل، الأدهى من ذلك هو أن يقود أيسلندا مدربان هماهيمير هالجريمسون ولارس لاجربك، وهذه ظاهرة جديدة على الكرة العالمية أن يتولى تدريب أي فريق أو منتخب مدربان في وقت واحد بنفس المهام فما الذي فعلته أيسلندا لتصدم آوروبا والعالم، السر في الملاعب والصالات المغطاة والمزودة بالعشب الصناعي ليتمكنوا من التدريب فطقس أيسلندا قاس جدا وغير ملائم والبداية كانت قبل 15 عاما ليبدأ معها تصدير المواهب للعب في الدوريات الكبرى والنتيجة واضحة وجلية للعالم بأسره، أتمنى أن يقف على التجربة القائمون على كرة القدم العمانية وبما يتناسب واحتياجاتنا، ويبدوأنهم ينصتون جيدا وقد بدأنا في هذه الخطوة المهمة وعلينا أن نصبر لنجني الثمار.

ويلز، المنتخب الذي حفظ ماء وجه كرة القدم ببريطانيا العظمى عندما ضرب موعدا بين الأربعة الكبار باليورو حين أقصى بلجيكا صاحبة التصنيف الثاني عالميا، كيف حدث هذا؟ كنا نعتقد أن كلمة السر تكمن في القاطرة غاريث بيل، ولكن ظهر لنا روبسون وويليامز وفوكس وأشباح ويلزية أخرى يقودها مدرب محنك اسمه كولمان، وظَّف إمكانيات فريقه بواقعية ليصدم العالم وآوروبا ويؤكد أنه لا كبير في عالم كرة القدم؛ وبالتالي بإمكان أي منتخب مغمور أن يشق له طريقا يبسا في بحر لجي تغشاه الحيتان والقروش.

وهنا.. أتساءل كما يتساءل كثيرون: ألم يأن لنا أن نحذو حذو هذه المنتخبات المغمورة، وأن نعرف العالم من هي عُمان؟ السلطنة تبذل جهودا كبيرة في الترويج والتسويق لها ولسنين خلت، وبإمكان كرة القدم أن تختصر ذلك في بطولة قارية واحدة أو حضور واحد في كأس العالم شريطة أن تصدم العالم من حولك يومها كما فعلت تشيلي وأيسلندا وويلز، عمل كبير ينتظرنا يجب أن تتظافر حوله جهود الوزارة والاتحاد والأندية والفرق الأهلية، الملاعب في كل مكان والمواهب ترتع من حولنا بقي أن ننظم عملنا، ننتظر أن يتبنى مجلس الوزراء الموقر "ندوة وطنية للنهوض بصناعة كرة القدم" الكل سيستفيد، وسيسهم هذا القطاع في رفد اقتصاد البلد ونموه، ليفتح الملف من جديد، فقد تكالب عليه الغبار.