فايزة سويلم الكلبانية
همسة أولى
استقبلنا رمضان هذا العام وسط موجة من تقلبات الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تشهدها مختلف دول العالم العربية والأجنبية، والتي تتباين بين تداعيات أزمة انخفاض أسعار النفط العالمية وانعكاساتها المباشرة على الاقتصاد والحياة، وارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية وتقلبات أسعار البترول، وما بين الاضطرابات السياسية والأمنية وما تشهده بعض دول عالمنا العربي من فوضى الحرب والدمار والتي خلفت الخراب في بعض الدول العربية وتشرد أبناؤها بين الدول كــ "لاجئين"، فاستقبل المسلمون رمضان هذا العام وهم يحملون تحديات لا حصر لها، ومنهم من عاش أيامه ولياليه بين حنين الذكريات للوطن ومنابر الأذان ومدافع الإفطار، فاقدين للذة التجمعات الأسرية على مائدة الإفطار والسحور، لا أمن ولا أمان يحتويهم، ومنهم من لا يجد ما يسد به جوعه وحاجته تحت وطأة الحصار والاستعمار مواصلين صمدوهم، فعلاً..رمضان هذا العام مختلف، ولكن لابد لليل وأن ينجلي يومًا. كما أنه وفقا للحسابات الفلكية الخاصة بالمعهد القومي للبحوث الفلكية سيكون شهر رمضان هذا العام 30 يومًا على أن ينتهي طبقًا لهذه الحسابات يوم 5 يوليو 2016.
همسة ثانية
وفي المقابل نجد البعض من المسلمين يعيش في مجتمع غير مسلم سواء لظروف العلاج أو الدراسة أو الهجره بحثا عن فرص عمل ومصدر رزق، أو هرباً مما خلفته الحروب في بلدانهم من دمار، وبالتالي تتأثر حياتهم كثيراً بالنظر إلى اختلاف العادات والتقاليد ما بين المجتمع الإسلامي في وطنهم الأم وبين باقي أفراد المجتمع الذي يدين غالبية أفراده بديانات أخرى غير الإسلام، لكن على الرغم من ذلك فإنّ المسلمين يتمسكون بدينهم وينتهزون فرصة شهر رمضان الكريم من أجل تثبيت دعائم دينهم وثقافتهم في نفوس أفراد المجتمع الجديد الذي يعيشون فيه، وقد نجد أحيانًا بعض الأصدقاء من غير المسلمين يشاركون أصدقاءهم وجيرانهم المسلمين بركات الشهر الفضيل، فيصومون نهارهم ويفطرون معهم على مائدة الإفطار كمشاركة في التعرف على أهمية الصبر والشعور بالفقراء والمحتاجين والتضامن مع من يحبون من رفاقهم المسلمين غير مبالين لتلك الخلافات والفوارق بين الأجناس والأديان والمذاهب وما شابه.
همسة ثالثة
أكتب سطور مقالي ونحن في العشر الأواخر من هذا الشهر، إلا أنني لا زلت أشعر بالشوق للأجواء الرمضانية، ومشاعره الروحانية والإيمانية بالرغم من ممارستي لهذه العبادات بشكل مكثف أكثر من ذي قبل بحكم أننا في هذا الشهر الفضيل، إلا أنّه لا زال ينتابني نوع من تأنيب الضمير والشعور بالتقصير، ويحثني لبذل المزيد من الجهد، ولا زلت أبحث عن شيء مفقود يشعرني بالرضا أو أنني بحاجة لبذل المزيد في هذه الأيام العشر الأواخر، وشكر الله بأن أنعم علينا وعلى سائر المسلمين بأن نعيش روحانيات شهر الصوم، الشهر الذي تغفر فيه السيئات وترفع فيه الدرجات وتتنزل فيه الرحمات، فياسبحان الله..مشاعر روحانية وإيمانية يصحبها السكون والهدوء تسكن في خلجات كل مسلم بشكل تلقائي.
همسة رابعة
إنّ أجواء يومياتنا العادية والمزدحمة نوعاً ما بما تحمله من مشاغل، ومشاوير، وأعمال، واجتماعات وواجبات والتزامات، كل هذا وبالرغم من حرارة الجو وطول الفترة النهارية إلا أنّه ومنذ الوهلة الأولى والتي تعلن فيها اللجنة الرئيسية لاستطلاع رؤية هلال شهر رمضان المبارك، عن بداية غرة شهر "رمضان"، ونجد لا شعوريا والمشاعر الإيمانية تتغير في قلوبنا، وتزدهر الروحانيات والأجواء الرمضانية في تعاملاتنا وجداول أعمالنا اليومية وحياتنا بما تشمله من صلة للأرحام وتجمعات الأهل والأصدقاء، والالتزامات الثقيلة المرمية على عاتق كل فرد منا يشعر بأنها صارت مسؤوليات أخف وتقل أعباؤها، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : "إذا دخَل رمضانُ فُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ وغُلِّقَتْ أبوابُ جهنَّمَ، وسُلسِلَتِ الشياطينُ"، وفي رواية: "فتحت أبواب الرحمة".
همسة رمضانية..
لرمضان طابعه الخاص في قريتي..
ولرمضان ظروفه الخاصة في مسقط..
والأهم من هذا وذاك أن نستمتع بروحانياته..
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا..