طالب المقبالي
مرَّت علينا ليلة النصفِ من رمضان التي عُرفت في الرستاق وعدد من الولايات بليلة "العقبة" التي عادة ما تقدم فيها الحلوى العُمانية عقب صلاة التراويح في المساجد والمنازل، حيث يحسب لها صناع الحلوى العمانية الحساب لزيادة كمية الإنتاج من الحلوى لأنّها تُعبر عن مناسبة جميلة وهي الاحتفال بانتصاف شهر رمضان الفضيل.
هذه العادة الجميلة بدأت تطغى عليها عادة دخيلة على مجتمعاتنا في هذه الولايات وهي عادة "القرنقشوة" هذه العادة لم تعرفها ولاياتنا الداخلية، وإنما كانت تُقام في مسقط والولايات الساحلية من الباطنة وربما بعض ولايات الشرقية.
هذه العادة روجت لها بعض البنوك والشركات، وبعض المراكز التجارية لترويج بضائعها في رمضان، فتبناها تليفزيون سلطنة عُمان وكأنما هي عادة من العادات العمانية الأصيلة.
ومن هنا دخلت إلى ولاياتنا الداخلية فحلَّت محل عادة العقبة التي بدأت بالاندثار مع انتشار عادة القرنقشوة.
فهذه العادة تُعود النشء على السؤال واستجداء الصدقة، وبعبارة صحيحة تُعود على "التسول" نعم التسول، فلينظر المدافع عنها أي عادة قد عود أطفاله عليها.
وبالأمس تغير الحال إلى ما هو أسوأ من مجرد قرنقشوة يُردد فيها الأطفال بعض الأناشيد ويمرون في الحارات لطلب الحلوى.
فقد شهدت بعض الولايات مشاهد بعيدة عن القرنقشوة التي عهدناها، فقد أصبحت أشبه بالهالووين للأسف ويلبس الشباب فيها ملابس تنكرية فاضحة وأقنعة تنكرية، فيما بعض الشباب الذين كنّا نعتبرهم رجالاً قد لبسوا ملابس نسائية، فقاموا برقصات فاضحة لا تليق حتى بنساء هذا الوطن العربي الإسلامي الأبي، كما تلفظ البعض بعبارات أجنبية شبيهة بتلك الطقوس التي تقام في أعياد كل القديسين للأسف.
وبالبحث عن أصول هذه العادة وكيف دخلت إلى عمان، نجد أنّها دخلت عبر البحر من خلال البحارة الذي يسافرون إلى دول الخليج، ولذلك انتشرت في الساحل العماني، ولا تعرف في الداخل.
فهذه العادة تعرف باسم "قرقيعان" في الأحساء والكويت والأحواز، أو قرقاعون في البحرين أو قرنقعوة في قطر أو"الماجينة" في العراق.
وقد صدرت عدة فتاوى حول هذه العادة من مختلف المذاهب، فقد عثرت على فتوى من مكتب الإفتاء بالسلطنة حررت في السادس عشر من رمضان من عام 1424هـ لفضيلة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة آنذاك تنص على ما يلي "إن عادة ما يعرف بالقرنقشوة هي عادة غريبة على مجتمعات المسلمين، إذ لا يوجد لها شاهد من دليل يشير من قريب أو بعيد إلى مشروعيتها، لذا فهي أقرب إلى البدعة التي تُتجنّب وتترك، وينبغي للمسلم أن يشتغل في ليالي رمضان بأنواع الطاعات والتقرب إلى الله بالصالحات، لا بالعادات الدخيلة التي لا أصل لها في الإسلام، ولا يستبعد أن يكون أصل هذه الممارسة مستجلباً من المجتمعات الغربية لأنّ لديهم ما يشبهها، وهذا سبب آخر لتجنب هذه العادة والله أعلم.
وعن رأي سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة في عادة القرنقشوة قال:لا ينبغي أن يعود الأولاد التردد على البيوت والطلب، فإنّ السؤال لغير ضرورة مُلحة لا مناص عنها أمر فيه حرج عظيم، وقد شدد فيه الشارع.
فتردد الأولاد على البيوت وسؤالهم لغير حاجة فضلا عن كونها حاجة ضرورية أمر فيه حرج.
وفي تواصل مع فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة وسؤاله عن عادة القرنقشوة قال: أجبت على هذا الموضوع مرات عديدة والخلاصة أنّها من البدع ولا يستبعد أن تكون جذورها مأخوذة من مُمارسات تتعارض مع عقيدتنا، فهي شديدة الشبه بما يوجد في الغرب من عادة الهالووين، (عيد كل القديسين) ذات الجذور الوثنية أصلاً، ومع ذلك فما فيها من تعويد للأطفال على السؤال والسماح لهم بطرق كل الأبواب وفي ساعات الليل المتأخرة مع الإذن باستخدام كلمات غير لائقة لولا حياء الأطفال كلها أمور منافية للشرع.