حمى برازيليَّة..!

حسين الغافري

لا يمرُّ المُنتخب البرازيلي بفترة طبيعية إطلاقاً في الآونة الأخيرة، من خلال النتائج الثقيلة التي بدأت تهز سُمعته رياضياً؛ باعتباره مصدرَ الكرة الممتعة والعريقة. برازيل اليوم لم تعد كبرازيل الأمس. شيءٍ ما أحدث خللًا واسعًا أبعد المُنتخب الأمتع على مرِّ التاريخ عن جادته المُعتادة.

حالة المرض تتزايد مُنذ سباعية ألمانيا في نصف نهائي كأس العالم بالبرازيل العام قبل الماضي. الوجع الأكبر أنَّ السبعة كانت على أرضهم وبين جماهيرهم في فضيحة كروية هزت العالم وأصابت منظومة البرازيل بضربة موجعة لا تزال ظِلالها تُغيِّم على سماء الكرة البرازيلية إلى اليوم، ولو أنَّ المُتابع أصلاً خلال كأس العالم الماضية لم يُخامِره الّشك للحظة على أن إسقاط البرازيل خلال الأدوار الإقصائية مسألة وقت لا أكثر وقد حدثت بعُنّف. السيلساو مع دونغا استمروا على تقديم مستويات هزيلة مستمرة بعد تعيينه خلفاً لسكولاري المقال بعد نهائيات كأس العالم آخرها خروج مُبكر جديد من بطولة كوبا المئوية والجارية في أمريكا وهذه المرة على "يد" بيرو.

... اللافت من اجتهادات صحافية عالمية تُظهِر البرازيل على أنها لم تعد ولاّدة للمواهب الكبيرة كما كانت سابقاً مع أنني أرى عكس ذلك! ففي البرازيل يُعلم النشء مُنذ نعومة أظفارهم على حُب كرة القدم ويُغّرس في دواخلهم الكرة ولاشيء غيرها قبل الأمور الأخرى، فمن غير المعقول أنها فقدت إنجاب أمثال جيل بيليه وزيكو ورماريو ورونالدو ورنالدينهو!. ولعل ما يمكن تفسيره في هذا الجانب هو أن سياسة اتحاد اللعبة لربما تغيّرت وأضحت باهتة شكلاً وبعيدة عن مواكبة تطور الكرة وتقدمها خُصوصاً منافسيهم بأوروبا، وأصبحت تبحث عن النتائج فقط بعدما كانت تخلط الأداء الممتع بالنتائج الكبيرة.

الكرة البرازيلية من وجهة نظر شخصية لا تزال بخير، ولم يصبّها شيء مُقلق مع كل هذه الأحداث وفترات الفراغ غير المُعتادة. الكرة البرازيلية بطبيعتها مُنتجة وزاخرة بالمواهب الكبيرة، وقد كان المدير الفني البرازيلي دونجا أحد الأسباب في فترة الفراغ هذه كونه لم يوفق قبل ما يقارب الستة أعوام وعاد مجدداً بعد إقالة سكولاري وهو أمر مستغرب بعودته بعد إخفاقه السابق! المستغرب الرئيسي في عهد دونجا "بِمرحلتيه" مع البرازيل هو إصراره على الانضباط الدفاعي وابتعاده عن تحرير لاعبي الوسط والهجوم حسب الفهم البرازيلي المعروف؛ فكان هذا الأمر جزءا من المشكلة. أيضاً، الأسماء التي كان يُراهن عليها حسب توجهاته غير مفهومة في بعض الأحيان، أو بالأحرى خيارات بنزعة دفاعية مُبالغ فيها مما يجعل المُنافسين مبادرين في الهجوم، ومع الوقت يتعزّز طمعهم في نتيجة المُباراة، وهو ما حدث أمام بيرو مع إن الهدف غير شرعي!

وفي الختام، ما زلت مُتفائلًا بالبرازيل وبعودة المنتخب إلى موقعها ومكانتها المعتادة. هي مسألة أفكار وخيارات لم يكتب لها أن تتوافق وقد حدثت لمرات كثيرة تاريخياً. المرحلة المقبلة تحتاج إلى مدرب بفكر جديد وغير تقليدي يواكب التطورات والفهم الرياضي الجديد ومعه مؤكد أنَّ البرازيل ستعود كما كانت وأفضل!

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك