العوابي - حارث البحري
تُنظِّم اللجنة الثقافية بفريق العوابي -التابع لنادي الرستاق- في محافظة جنوب الباطنة، سلسلة من المحاضرات الدينية الرمضانية بعنوان "الأسس القرآنية في بناء الشخصية المسلمة"؛ وذلك بجامع أبوبكر الصديق بولاية العوابي.
وألقى المحاضر بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس عبدالرحمن بن محمد بن نبهان الخروصي، محاضرة بعنوان "ولا تقف ما ليس لك به علم"، شملت الأسس القرآنية في بناء الشخصية المسلمة وما ذكره الله تعالى في سورة الإسراء "ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً"، وهذه آية تشتمل على منهج قرآني رباني ودستور شامل لكثير من شؤون الحياة وفيها دعوة إلى التحري والتثبت. ووقفات مع أصول الفقه للتعرف على بعض الدلالات من هذه الآية: قوله تعالى "لا تقف" الفعل "تقفُ" جاء بعد أداة النهي "لا"، والفعل بعد النهي يدل على العموم، والحاصل أن الله تعالى نهى الإنسان أن يتبع ما ليس له به علم مطلقاً في جميع الأحوال والأزمان والأمكنة، فلا تَقْفُ في كل وقت، وفي كل قضية، سواء في حقوق الله أو حقوق الآدميين موضحا الأصل في النهي أن يكون للتحريم ما لم تصرفه قرينة، ولا قرينة هنا، وجملة "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" هنا تعليلية ولا تكليف بلا مسؤولية، فلا تتبع أيها المرء ما لا علم لك به من قول أو فعل، هذا التكليف يقابله مسؤولية وفيها تذكر الوقف بين يدي الله في الآخرة؛ سيسأل الله السمع ما سمع وكيف سمع؟ والبصر ما أبصر وكيف أبصر؟ والعقل كيف وعى وكيف تحرك في ما وعاه؟ كما تحدث المحاضر عن ثلاث نواحٍ أو مجالات من خلال المنهج القرآني في هذه الآية الكريمة: مُذكرة الناحية الأولى: حرمة التقول على الله بغير علم ، والتقحم في الفتوى بلا علم ولا ضوابط: وبعض الفتاوى فتاوى قاتلة، وذكر المحاضر هنا الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره من حديث جابر قالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ،.. الحديث. "قتلوه" أي تسببوا في قتله وقوله: "ألا سألوا إذ لم يعلموا" أي هلَّا سألوا، فيه حض على السؤال عند الجهل، فلِمَ لم يسألوا حين جهلوا الحكم!؟ وردة فائدة لغوية: أحرُف التَّحضيضِ وَالتَّنْديمِ أربعة:"هَلاّ و أَلا و لوما و لولا". والفرقُ بينَ التحضيضِ والتّنديمِ: أنَّ هذه الأحرفَ، إن دخلت على المضارع فهيَ للحضِّ على العملِ وتركِ التهاوُنِ به: أَلاَّ تَتُوبُ من ذنبِك- لولا تستغفرونَ اللهَ- لوما تأتينا بالملائكة- ألا تُحبُّون أن يغفرَ اللهُ لكم. وإن دخلت على الماضي كانت لجعلِ الفاعلِ يندَمُ على فواتِ الأمر وعلى التّهاون به، نحو "ألا سألوا إذ لم يعلموا" وقوله: "إنما شفاء العيي السؤال": أن الجهل داء، شفاؤه السؤال، والتعلم.