العدالة أن تقارن عُمان بعُمان

حمد بن سالم العلوي

إنّ العدل في كل شيء، أن لا تتبع الهوى في الحكم، وأن لا تأخذ القيل والقال كدليل إثبات، وهنا أقصد (الواتس آب) كمصدر لهذه الأقاويل، فالواتس آب وأخواته من الوسائل التي باطلها يساوي صدقها، لن تصلح حتى تكون دليلاً، فإن لم تتقن أخذ حاجتك منها غدرت بك، والأمر المُسلَّم به، أنّ كل معلومة ترد وراؤها مُرسل، وذلك المُرسل يُريد أن يُحقق هدف ما، ولا تستطيع اليوم أن تُحدد من يقرأ تلك المعلومات ومن لا يقرأها، وذلك في ظل الفضاء المفتوح، إذن ليس كل سائح في مجرى ساقية هذه الشبكة مُفيد، وعندما يقول الإمام الشافعي:"رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" فقد أنشأ بذلك قاعدة حوارية رائعة للنّاس، ولكن عندما نجد البعض يُعطي لكلامه المصداقية، ولا يقبل النقاش، فإنّ المصداقية تفقد معناها، وعلى فرسان الواتس آب أن يصولوا ويجولوا بفاحش القول والنميمة.

إذن بعد هذه التهيئة، فإنّه علينا كعُمانيين أن نلتفت إلى وطننا، ونعمل متعاونين على الرقي به، والرفع من شأنه ليس بالكلام، وإنّما بالعمل الجاد، وأن نعلم أن حُكومتنا الوطنية هي منِّا وإلينا، وأنَّها تحرص على خدمة الجميع، وأننا كلنا من سلالة بشرية واحدة، وأن الأخطاء من طبيعة البشر، ولكن خير الخطاءين التوابون، ومعنى هذا الكلام أنّه على الحكومة، أن تفتح صدرها للنقد، وأن تصغي باهتمام كبير لما يُقال، وأن تفتح الباب للنقاش مع أبسط مواطن، هذا إن أرادت الإصلاح بإشراك المواطنين في تحمل المسؤولية، وأن تجعل من الأزمات الاقتصادية، وسيلة للتوقف معها، ثم الانطلاق بعزيمة جديدة وفكر جريء إلى الأمام.

أما إن أرادت الانفراد بالقرار، فهو من الأصل لها، ولكن حل المشاكل بإشراك المواطنين، سيكون أكثر نجاعة وقوة، وقد يجنبها تحمل الأخطاء منفردة، فوقتئذ قد يجد المواطن نفسه في حل من الارتدادات السلبية، إذ لم يُشرك في الرأي وليس في القرار، وقد يتضجّر من بعض الحلول غير المقنعة له، فقد لا يكون مُطّلعاً على خلفياتها، فعندئذ من حقه أن يستغربها، لأنّ الذي يراه مُعظم النَّاس اليوم، أنّ الفجوة أصبحت كبيرة بين الحكومة والمواطن، الأمر الذي فتح الباب وسعاً للقيل والقال، والتشكيك في القدرات على إدارة المرحلة الاقتصادية الصعبة، وسيظل الحال كذلك، ولن يكفيهم نشر البيان الوزاري بين فترة وأخرى للعلم، ولكن الاستماع المُباشر من المواطن، قد ينتج عنه مقترحات، فلو أخذ بها ربما تحل مشاكل كان يُرى أنها لا تحل.

كما أنّ المواطن الجالس خلف شاشة الواتس آب، ويستقي معلوماته منه، ثم يجري المُقارنات بين الخارج والداخل، سيكون لديه مصدر معلومات، فلن يزعم أنّ النجاحات كبيرة في دول الجوار، وأن الإخفاقات أو الفشل في بلاده عالية، فإنّه بالمعلومات الصادقة والشفافة، سيكون عادلاً في أحكامه على الأمور، وليس صحيحاً كل الذي يُسمع ويُروى له عبر الشاشات المفتوحة، ولكن نجده يجري مقارنات ظالمة في حق وطنه، والسبب بُعد الناس عن الوقائع الحقيقية في وطنهم، بدليل أنّ البعض الذين يطّلعون على خبايا الأمور بحكم قربهم من المعلومة، تجدهم يُنصبون أنفسهم محامين عن قضايا وطنهم، ويجهدون أنفسهم في إطالة الشرح للنّاس، وقد يتهمون بأنهم مبررون لإخفاقات الحكومة.

إذن، عندما تجد المواطن الجالس خلف الواتس آب، يعطي أحكاماً أو يجري مقارنات، وهو لا يملك المعطيات المحيطة بواقع الحال، وأنّه لا يعرف بحسابات النسبة والتناسب بين الدخل الوطني لكل دولة، وكذلك قيمة المُنجزات في مقابل ذلك، أما أن يظل الجالس هذا، يضرب أمثلة بالقول، إن مطارهم أحسن من مطارنا، وإن ميناءهم أحسن من مينائنا، وكل هذا الكلام الذي يردده، قد أتاه مرسلاً بالواتس آب، وهو لا يعي أن فيه ظلماً كبيراً، وتجنياً في حق الوطن، إذن هو لم يعدل في مقارنته، واستغل حرية الرأي، لينسج من خياله كلامًا غير منطقي، ولكن لو أنه رأى بعين المنصف ما تحقق من بنية أساسية في وطنه، لم يكن لها أثر قبل سني النهضة العُمانية؟ ولو نظر إلى المساحة الجغرافية لعُمان مقارنة مع غيرها؟ ولو نظر إلى الطبيعة الجغرافية للبلاد، لعرف الفارق الكبير بين الأمس واليوم، ولأراح نفسه من هم المقارنات.

إنّ المقارنة الواقعية، إذن، أن تقارن عُمان مع نفسها، بأن ينظر إلى العام السابق من تاريخ عُمان، ومقارنته مع العام الحالي، وكذلك لا يجوز أن نبالغ في التقييم، لأنّه علينا أن ننظر أيضاً إلى الظرف والمُعطيات، وهكذا ننصف أنفسنا في التقييم، وذلك عندما لا نبالغ، وكذلك لا تستطيع أن تتهم الناس بالفساد دون دليل قاطع، يجزم بصحة الاتهام، ثم من كان لديه شك في فساد مسؤول ما، فإنّ عليه أن يُبادر بإبلاغ الادعاء العام، أو الشرطة، ولكن دون دليل يتتبّعه المُحقق، فلن يُقبل من أحد ذلك، وستكون خائناً للوطن والأمانة، إذا علمت بجريمة في حق الوطن، ولم تبلغ عنها، وهناك من يقول، اتركها تأتي من غيري، فهذا الترك الذي اقتنعت به، أنت حُر فيه، ولكن لا تتبعه بكلام بين النَّاس، فيصبح ضرره أكثر من نفعه.

Safeway.om@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك