أزياء عالميّة بهويّة عُمانيّة

مدرين المكتوميّة

تتميز معظم شعوب العالم بأنّ لكل منها ثقافة معيّنة توارثتها عبر الأزمان تفتخر بها، وتحاول أن تُعرّف الآخرين بها، وهذه الثقافة تنعكس على أزيائها التي تعتبر هي اللبس المتعارف عليه بل إنّ مواطني بعض الدول لا يرتدون غير تلك الملابس التي ورثوها عن أجدادهم ويحاولون تطويرها من ناحية الألوان، وطريقة تفصيلها مع الحفاظ على الإطار العام لتلك الأزياء، وعلى الرغم من انتشار عصر العولمة التي نقلت كثيرًا من العادات الدخيلة على المُجتمعات إلا أنّ هنالك شعوبًا لا تزال تحتفظ بزيّها التقليدي، ولو استدعى الأمر ارتداءه في المناسبات سواء كانت أفراحًا أو غيرها من المناسبات؛ لأنّ تلك الأزياء تعبّر عن هويّتها وعن موروثها الحضاري الذي تفتخر به، حيث نجد دائمًا النساء بطبعهن يملن إلى الأزياء المتوارثة مع محاولة تطويرها بصورة أجمل على عكس الرجل؛ الذي يميل في كثير من الأحيان إلى التجديد، ويلجأ إلى ارتداء بعض أنواع الملابس التي قد تكون بعيدة كل البعد عن هويّته، وربما إذا تعثّر بك أحدهم في أي بلد ما قد لا تكتشف هويته إلا من خلال لهجته ولغته.

لقد كشفت جريدة "الرؤية" أثناء تدشين جائزتها لمبادرات الشباب في نسختها الرابعة وضمن مجالاتها عن أنّ مجال الفنون هذا العام سيُخصص للأزياء العمانية المطورة، والتي شهدت طفرة حقيقيّة خلال خلال فترة وجيزة، وسجلت السلطنة كمًّا كبيرًا وهائلا من مصممات الأزياء العمانيّات، اللاتي استطاع بعضهنّ أن يكون حاضرا في المحافل المحليّة والدولية والإقليمية، وليس هذا فقط بل تجاوز الأمر وجود سفيرات للأزياء العمانية، ومنهن المصممة أنيسة الزدجالية وغيرها من المصممات اللاتي سجلن تواجدهن بجدارة في مجال التصميم.

ولكن ما نريد الحديث عنه في هذا السياق ليس الكم الهائل من المصممات بل طبيعة التصاميم، ومدى تناسبها مع مختلف المناسبات، فالبعض نسي أنّ الأقمشة العمانية التقليدية يمكن أن تكون بعيدة عن اللبس العماني الخاص بالمناسبات والحفلات فقط، فنحن نريد أن نتجاوز الأمر إلى تصاميم تحتوي المفردة العمانيّة ولكن يمكن أن تتناسب مع الأيّام العادية وساعات العمل باستخدام الخامات العمانيّة المعروفة لدينا قديما (كالويل والبريسم ودرياهي ومزراي وحرير وسويسي ومحرقاني)، وغيرها من الأقمشة الأخرى.

وحين نتحدّث عن الهويّة العمانية فإننا نتحدث عن جميع المفردات والأشياء التي تربطنا بالماضي وبأجدادنا، خاصة جداتنا وأمهاتنا اللاتي لم يعرفن العباءة السوداء التي انتشرت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بعد الثورة الإيرانية وتأثيراتها على المنطقة. فالعتمة بدأت تجعل كل شيء من حولنا داكنا دون النظر للأشياء من جانبها المشرق، فنحن بحاجة لتلك الألوان الجميلة والبراقة التي تزيّنت بها أمهاتنا في فترة الشباب؛ لتعود بشيء من اللّمسات والذوق الحضاري والطراز الحديث مع الالتزام بالطبيعة العمانية المحتشمة، والمظهر اللائق أمام المجتمع، وبذلك علينا أن نعطي للتصميم مساحة من الوقت لإبراز العمل بالصورة المطلوبة، ونحن حين نعيش إعلان الرؤية لجائزتها يجب علينا أن نفكر أن تكون نتاج تلك التصاميم الفائزة بلمسات عمانية حاضرة، وذات طابع جميل وراقٍ ويمكن ارتداؤها في العمل بعيدًا عن المناسبات وفي الروتين اليومي، ونتمنى أن تكون هناك أزياء تنقل أصحابها من المشاركين إلى آفاق العالميّة، بشرط الحفاظ على المفردة والهويّة العمانيّة.

Madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك