يوسف علي البلوشي
نحن في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الاستثمار، لم نكد نستفيد من معطيات النفط حتى تهاوت أسعاره ودخلنا في نفق شد الحزام.
الترشيد والتقشف والادخار والاقتصاد والتقتير كلها مُسميات أصبحت رهان الوقت الحالي في ظل هذه الأزمة.
إن تهاوي أسعار النفط في الوقت الراهن وانتظار عودته حاله كما كانت سابقًا أمر في علم الغيب رغم تكهن المحللين والاقتصاديين بأن الأزمة ستذهب إلى انفراج ولكن لم يُحدد لها توقيت معين وبالتالي فإنّ أمل العودة ليس بقريب وليس بتلك السهولة.
عموماً يُوجد في العالم عدد كبير من الدول كانت تبني حياتها واقتصاداتها بعيدًا عن النفط مما مكنها من أن تصبح دولاً قوية ومتقدمة بل وأسست لنفسها بنى وشبكات أساسية متطورة تحل كل العجز الحاصل في حياة أفرادها من تنقل وتجارة وتعليم واستثمار وحركة التسوق والبيع والشراء وغيرها، وبعد أن سقط سلاح النفط تراجعت الكثير من الدول في اقتصاداتها وتوفير السيولة المالية وتسيير المشروعات والإنشاءات لتصبح متساوية مع الدول التي لا تملك النفط بل والتي تعتمد على المعونات طبعاً تساويها في طرق التقشف وليس في السلوك العام والإجراءات.
ولذلك فإنّ الحل الذي لطالما قلناه ورددناه في جميع وسائل الإعلام ومنابر الصحافة هو الاستغلال الأمثل للاستثمار
ولا غيره.
وأوضحت الأزمة كيف أن الدول الخليجية قامت بدمج بعض الوزارات والمؤسسات واستخدمت كل وسائل التقشف بدءًا من تسريح الموظفين وإيقاف المشاريع وتوقيف التوظيف وتعطيل الأعطيات والحوافز وتبني خطة عمل جديدة منها المصالحة مع الخصوم وفتح منافذ الاستثمار لهم على مصارعها، بل والوصول إلى اتفاقيات استثمارية وتهافت غير طبيعي نحو دول الاستثمار التي لم تعانِ من ويلات النفط، ولاننسى أن الجميع يريد النأي بنفسه عن توقعات صندوق النقد الدولي الذي توقع في بداية العام الحالي أن تصل خسائر دول مجلس التعاون المصدرة للنفط في العام المنصرم، إلى 300 مليار دولار أي ما يعادل 21% من إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول مدفوعة بتواصل تراجع الأسعار.
علينا في السلطنة أن نولي هذه النقطة جل الاهتمام والقيام بتسهيل إجراءات الاستثمار وبشكل كبير وعلى موظف وزارة التجارة حمل حقيبته للمستثمر بحزمة متكاملة واحدة بدل أن يقوم المستثمر بالتجول والتحول بين مؤسسة وأخرى بحثًا عن التراخيص والأذونات .
وحتى الآن لازالت المنافسة في الاستثمار المحلي تكمن في قطاعي السياحة والإنشاءات، عليه نرى أن تحقيق الاستثمار المتوازن وجلب الدول الكبرى للعمل في السلطنة سيفتح مجالات أكثر لتجاوز هذه المحنة أو إيجاد البدائل للنفط.
ونستذكر ماجاء في بداية العام، ما قالته وكالة فيتش للتصنيف الائتماني يوم 29/9/2015 بأنّ من المستبعد أن تتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من سد العجز المجمع في ميزانياتها في ظل هبوط أسعار النفط في العام 2016. وقالت الوكالة إن ردود فعل دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى السياسة المالية بشأن هبوط النفط ستكون محدودة على الأرجح مقارنة مع ما تفقده من إيرادات النفط في عامي 2015 و 2016."
وفي سلطنة عمان ارتفع العجز في الميزانية، من 600 مليون ريال (1.56 مليار دولار) في عام 2014، إلى 1.8 مليار ريال (4.68 مليار دولار) العام الماضي. ومن المتوقع بحلول نهاية عام 2016 أن تشهد الميزانية العمانية زيادة في العجز تبلغ 20 بالمئة، وهي أعلى نسبة عجز في الميزانية من بين دول مجلس التعاون الخليجي.
إذن يجب أن نعد العدة ونعطي لهذا الأمر الأولوية القصوى فالحل الوحيد في بطاقة الاستثمار الناجحة التي يجب أن نركز عليها ونحدد من نعطيها، كما أنه يجب علينا كمواطنين أن نساعد في ذلك بتهيئة المناخ بعدم الانسياق خلف ما يغرر ويؤثر على اقتصاد البلاد ونحافظ على استقرارها في المجال الذي يحوم حولنا أو يسترعي اهتمامنا ونكف عن الترهات في زمن تتسابق فيه الدول للبحث عن المستثمرين لبلدانها ويصطاد بعضها في الماء العكر لنيل صفقات المستثمرين.