بشائر المليون نخلة

خالد الخوالدي

اشتهرتْ السلطنة بزراعة النخيل وبأجود أنواع التمور على مستوى دول الخليج أولا، وعلى مستوى الدول العربية ثانيا، ودول العالم أجمع، وكانت من أكثر الدول التي يُوجد بها نخيل على مستوى الدول التي تنتشر بها هذه الشجرة الطيب أصلها وفرعها في السماء، وتدهورتْ زراعة النخيل في السلطنة في السنوات الأخيرة، ولم تعُد بتلك الأهمية التي كانت عليها حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

ويعودُ إهمالُ هذه الشجرة المباركة إلى عدم جدواها الاقتصادية لمنتجيها، وعدم التشجيع على زراعتها من قبل الجهات المختصة، وانتهاء جيل الآباء والأجداد الذين كانوا يُؤمنون إيمانا كاملا بأهميتها، بل ويعتبرونها جزءًا من مكونات حياتهم التي لا يُمكن الاستغناء عنها، وتوجَّه الأبناء إلى الأعمال الحكومية والخاصة بعد ظهور النفط.. هذه الأسباب وغيرها أدت إلى أن يستورد العُماني التمور من الدول المجاورة، التي كانت في الماضي صحراء قاحلة، إلا أنَّ عملهم وإخلاصهم قادهم إلى نقل تجربة زراعة النخيل العُمانية؛ حيث خرجتْ فسائل لأجود أنواع النخيل العُمانية بالآلاف، فنجحوا في أن يُطعمونا منها بعد أن أهملنا مصدر غذائنا الأول، ومع هذا كله، فلابد أن ندرك أن أرض عُمان أرض معطاءة متى ما طوَّرنا من تفكيرنا ونظرنا للمستقبل.

والمستقبل -وبدون مجاملة- لا ينظُر إليه إلا الحكماء والراسخون في العلم وبعيدو النظر، وقد سخَّر الله لنا هذا في شخص مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي أدْرَك أهمية النخلة وحثَّ في أكثر من لقاء على العناية والاهتمام بها، ولعل التوجيهات السامية بزراعة مليون نخلة لأبرز دليل على ذلك.. فقديما قيل "زرعوا فأكلنا، ونزرع فيأكلون"، فهنيئا لنا في هذا الوطن الغالي حكيم العرب مولانا حضرة صاحب الجلالة.

وتنفيذا للأوامر السامية، فقد تمَّ تشكيل مؤسسة باسم المديرية العامة لمشروع زراعة المليون نخلة، تابعة لديوان البلاط السلطاني؛ حيث قامتْ المديرية -رغم الصعوبات التي واجهتها- بزراعة 600 ألف نخلة حتى الآن، وتنتظر المديرية أن يكون الإنتاج هذا العام لعدد 15 ألف نخلة من مختلف الأنواع. وبالأمس، افتتحت المديرية المؤتمرَ الدوليَّ للاستثمار في قطاع النخيل والتمور (الواقع والتحديات)، والذي يهدف لمعرفة الرؤى العالمية في مجال الاستثمار في قطاع النخيل: إنتاجا وتصنيعا وتسويقا، مستهدفة في ذلك كل الفئات التي يمكن أن تستثمر في هذا المشروع الحيوي بداية من المواطن العادي ومرورا بأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وطرحت في ذلك العديد من المناقصات المتنوعة لكل مزرعة ( 11 مزرعة) حتى يستفيد الأفراد وكافة القطاعات الاستثمارية والتجارية من هذا المشروع الحيوي.

وإذا ما نظرنا إلى هذا المشروع، فإنني أراه من وجهة نظري المتواضعة أهم المشاريع في السلطنة، وأبرزها على الإطلاق، وسنجني ثمارَه مُستقبلا؛ حيث تتوجَّه المديرية المختصة إلى توفير حاجات السلطنة من التمور والاكتفاء الذاتي من خلال هذا المشروع وبأسعار تنافسية؛ وذلك بإنشاء عدة مصانع لتنظيف وتغليف وتعليب وتصدير التمور والاستفادة من المنتجات الثانوية للنخلة والمنتجات الدوائية المستخرجة من التمور، ويتبقى علينا جميعا كمواطنين ومؤسسات أن ندعم هذا المشروع وزراعة النخيل في مزارعنا وإنتاج التمور بكمية أكبر وبجودة أعلى، خصوصا مع التطور العلمي والزراعي الذي يتطوَّر يوما بعد يوم، والذي يجب أن نستخدمه الاستخدام الأمثل؛ فالتمور هي العمود الأساسي للأمن الغذائي الذي كان الآباء والأجداد يعتمدون عليه، ونحن في المستقبل سنكون بأمن واطمئنان لأمننا الغذائي إذا ما زاد اهتمامنا بزراعة النخيل والاهتمام بتحصيل إنتاجها بشكل أفضل.

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك