الصحافة عين الحكومة.. ولسان المواطن

مسعود الحمداني

(1)

قبل أربعين عاما كانت الصحافة في السلطنة، صحافة تحاول أن تشق طريقها، في خضمٍ هائل من التحديات.. كان صوتها موحدا وموجها نحو التنمية.. لم تكن هنالك صحافة ناقدة، بل كانت الصحافة ناقلة..

بعد أربعين عاما.. هل تغيّر الحال؟!!

(2)

كان حلم الصحفيين وجود (جمعية) تحمل همومهم، وقضاياهم، ويستمدون قوتهم من خلالها، وتكون سدا منيعا تجاه أي عمل تعسفي تقوم به ضدهم أي جهة كانت..

جاءت الجمعية بعد مخاض ٍعسير.. فهل حققت حلمهم؟.. وهل هي الجمعية التي طمحوا إليها؟!!.. وهل المنتمون لها هم فعلا من المشتغلين في الصحافة؟!!

(3)

السلطنة جاءت في المركز الثامن عربيا، والمائة وخمسة وعشرين عالميا (من أصل مائة وثمانين دولة) في سلّم حريات الصحافة ـ حسب منظمة مراسلون بلا حدودـ ، وتقدمت بذلك مركزين عن العام الفائت..

فهل هذا مؤشر على زيادة الانفتاح ومساحة الحرية في السلطنة.. أم جاء نتيجة تراجع الحريات في دول أخرى؟!!

(4)

على فكرة.. جاءت موريتانيا في المركز الأول عربيا (الثامن والأربعين عالميا)، واحتلت جزر القمر المركز الثاني عربيا (الخمسين عالميا) في حرية الصحافة..

هذا يعني أنّ دولا أفقر اقتصاديًا لديها مساحات حريات أكبر.. فهل يصنع الفقر أحيانا الفارق؟!!

(5)

هل قامت الصحافة العمانية بدورها بالشكل الأمثل في نقل هموم الوطن وقضاياه؟!! أم أن الطريق ما يزال أمامها طويلا لتتحوّل إلى صحافة استقصائية تكشف البقع المظلمة والمسكوت عنها؟!!

سؤال يحتاج إلى بحثٍ، ولكن الإجابة لا تحتاج إلى كثير من العناء.

(6)

هل الصحف الخاصة في السلطنة صحف مهنية حقا؟!! أم أنّها تنقل وجهات نظر رئيس تحريرها، ولا تحيد عن قراراته، وتوجهاته، فتتحول هذه الجرائد من صحافة محايدة وموضوعية إلى صحافة تابعة لأوامر المالك؟!!

بمتابعة بسيطة لعناوين بعض الصحف الخاصة نكتشف الإجابة.

(7)

في السلطنة خمس صحف يومية، تتنافس بشراسة لتبقى على قيد الحياة في ظل سوق إعلاني وتنافسي صغير وضيّق.. وفي مزاحمة شديدة من الصحافة الإلكترونية الأقل كلفة، والأكثر جرأة، وانتشارا، ومتابعة..

من الذي سيكسب الرهان؟..

أعتقد بأنّ المطبوعات الورقية بحاجة إلى إعادة تقييم لما تنتجه، وتقدمه للقارئ.. حتى تحافظ على بقائها.

(8)

لكي نصنع صحافة ناقدة تقوم بدورها الرقابي على الحكومة، علينا أن نصنع صحفيا حرا ذا قلمٍ واعٍ، ليطرح الأسئلة دون أن يلتفت إلى من يقف خلفه.. علينا أن نرفع سقف الحرية والمحاسبة، وأن نطلق العنان للأقلام الجادة لتكشف ما لديها..

هذا إذا أردنا الإصلاح فعلا..

(9)

الصحافة الإلكترونية قادمة وبقوة.. وستأخذ موقع الصحافة الورقية إذا ظلت هذه الأخيرة ناقلة للأخبار الرسمية دون أن تشارك في صنع الحدث..

حوّلوا شعارات المسؤولين عن (الشفافية، والمكاشفة، وكشف الفساد، والإصلاح) إلى واقع.. وحاسبوهم على ما قالوا وما كانوا يفعلون..

حينها ستكون الصحافة عينا للحكومة على الحكومة.. ولسانا للمواطن الذي يضيع صوته في صحراء الكلام.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة